للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ نَاظِرِهِ فَإِنْ وُقِفَ لِيَسْكُنَهُ زَيْدٌ لَمْ يَكُنْ لَهُ إسْكَانُ غَيْرِهِ (وَيَمْلِكُ أُجْرَتَهُ وَفَوَائِدَهُ كَثَمَرَةٍ) وَمِنْهَا أَغْصَانُ شَجَرِ الْخِلَافِ (وَصُوفٍ) وَوَبَرٍ (وَلَبَنٍ وَكَذَا الْوَلَدُ فِي الْأَصَحِّ وَالثَّانِي يَكُونُ وَقْفًا) تَبَعًا لِأُمِّهِ وَلَوْ كَانَتْ حَامِلًا حِينَ الْوَقْفِ فَوَلَدُهَا وَقْفٌ عَلَى الثَّانِي، وَكَذَا عَلَى الْأَوَّلِ إنْ قُلْنَا لِلْحَمْلِ حُكْمُ الْمَعْلُومِ، وَلَوْ وَقَفَ دَابَّةً عَلَى رُكُوبِ إنْسَانٍ فَدَرُّهَا وَنَسْلُهَا لِلْوَاقِفِ قَالَهُ الْبَغَوِيّ. (وَلَوْ مَاتَتْ الْبَهِيمَةُ اخْتَصَّ) الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ. (بِجِلْدِهَا) فَإِنْ دَبَغَهُ فَفِي عَوْدِهِ وَقْفًا وَجْهَانِ قَالَ الْمُتَوَلِّي أَصَحُّهُمَا الْعَوْدُ. (وَلَهُ مَهْرُ الْجَارِيَةِ إذَا وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ أَوْ نِكَاحٍ إنْ صَحَّحْنَاهُ وَهُوَ الْأَصَحُّ) تَحْصِينًا لَهَا وَالثَّانِي لَا يَصِحُّ لِأَنَّهَا قَدْ تَمُوتُ مِنْ الطَّلْقِ فَيَفُوتُ حَقُّ الْبَطْنِ الثَّانِي مِنْهَا وَعَلَى الصِّحَّةِ، وَقَوْلُنَا الْمِلْكُ فِي الْمَوْقُوفِ لِلَّهِ تَعَالَى: يُزَوِّجُهَا السُّلْطَانُ وَيَسْتَأْذِنُ الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ، وَإِنْ قُلْنَا الْمِلْكُ لِلْوَاقِفِ زَوَّجَهَا بِإِذْنِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ أَيْضًا أَوْ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ زَوَّجَهَا، وَلَا يَحْتَاجُ إلَى إذْنِ أَحَدٍ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ وَلَوْ طَلَبَتْ التَّزْوِيجَ فَلَهُمْ الِامْتِنَاعُ. (وَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ) أَيْ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ (لَا يَمْلِكُ قِيمَةَ الْعَبْدِ الْمَوْقُوفِ إذَا أُتْلِفَ) أَيْ أَتْلَفَهُ أَجْنَبِيٌّ وَلَا يَمْلِكُهَا الْوَاقِفُ (بَلْ يَشْتَرِي بِهَا عَبْدًا

ــ

[حاشية قليوبي]

لَا يَنْتَقِلُ عَنْ الْوَاقِفِ) وَبِهِ قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ. قَوْلُهُ: (الثَّالِثُ يَنْتَقِلُ إلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ) وَبِهِ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ جُعِلَ) هُوَ تَخْصِيصٌ لِعُمُومِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ حَيْثُ الْخِلَافُ. قَوْلُهُ: (مَسْجِدًا أَوْ مَقْبَرَةً) أَوْ رِبَاطًا أَوْ مَدْرَسَةً أَوْ بِئْرًا.

قَوْلُهُ: (مِنْ نَاظِرِهِ) أَيْ فِي الْإِجَارَةِ وَالْإِعَارَةِ أَوْ مِنْهُ بِإِذْنِ النَّاظِرِ لَهُ فِيهِمَا. قَوْلُهُ: (لِيَسْكُنَهُ) مِنْهُ مَحِلُّ مُؤَدِّبِ الْأَطْفَالِ وَخَلْوَةِ الْمُدَرِّسِ. قَوْلُهُ: (لَمْ يَكُنْ لَهُ إسْكَانُ غَيْرِهِ) بِالْإِجَارَةِ مُطْلَقًا وَكَذَا الْإِعَارَةُ عِنْدَ الْخَطِيبِ، وَاعْتَمَدَ. شَيْخُنَا م ر. جَوَازَ الْإِعَارَةِ لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ بِمُسَامَحَةِ النَّاسِ بِذَلِكَ، وَقَدْ نُقِلَ عَنْ إمَامِنَا النَّوَوِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ لَمَّا وَلِيَ تَدْرِيسَ دَارِ الْحَدِيثِ، وَفِيهَا قَاعَةٌ لِلْمُدَرِّسِ أَسْكَنَهَا لِغَيْرِهِ وَلَمْ يَسْكُنْهَا، وَلَوْ حَصَلَ فِي هَذِهِ فَوَائِدُ فَهِيَ لِلْوَاقِفِ كَمَا مَرَّ.

قَوْلُهُ: (وَيَمْلِكُ أُجْرَتَهُ) وَتُدْفَعُ لَهُ جَمِيعُهَا، وَلَوْ لِزَمَنٍ مُسْتَقْبَلٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَقَدْ مَرَّ حُكْمُ مَا لَوْ مَاتَ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ وَقِيلَ يَدْفَعُ لَهُ النَّاظِرُ شَيْئًا فَشَيْئًا بِقَدْرِ مَا يَسْتَقِرُّ مِنْهَا. قَوْلُهُ: (كَثَمَرَةٍ) أَيْ حَادِثَةٍ بَعْدَ الْوَقْفِ، وَإِلَّا فَهِيَ لِلْوَاقِفِ إنْ كَانَتْ مُؤَبَّرَةً، وَإِلَّا فَهِيَ وَقْفٌ فَتُبَاعُ وَيُشْتَرَى بِقَدْرٍ مِنْ ثَمَنِهَا مِنْ جِنْسِ أَصْلِهَا، فَإِنْ تَعَذَّرَ فَغَيْرُهُ فَإِنْ تَعَذَّرَ عَادَتْ مِلْكًا لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ فَلِأَقْرَبِ النَّاسِ إلَى الْوَاقِفِ ثُمَّ لِلْفُقَرَاءِ أَخْذًا مِمَّا سَيَأْتِي وَكَذَا فِي الصُّوفِ وَنَحْوِهِ. قَوْلُهُ: (الْخِلَافِ) هُوَ نَوْعٌ مِنْ الصَّفْصَافِ أَوْ نَفْسُهُ، وَكَذَا نَحْوُهُ مِمَّا يُعْتَادُ قَطْعُهُ أَوْ شَرَطَ الْوَاقِفُ قَطْعَهُ. نَعَمْ قَالَ الْإِمَامُ إنْ شَرَطَ قَطْعَ الْأَغْصَانِ الَّتِي لَا يُعْتَادُ قَطْعُهَا مَعَ ثِمَارِهَا كَانَتْ لَهُ كَذَا فِي الْخَطِيبِ فَرَاجِعْهُ وَتَأَمَّلْ. قَوْلُهُ: (الْوَلَدُ) أَيْ الرَّقِيقُ وَإِلَّا كَوَطْءِ شُبْهَةٍ فَقِيمَتُهُ. قَوْلُهُ: (إنْ قُلْنَا لِلْحَمْلِ حُكْمُ الْمَعْلُومِ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (لِلْوَاقِفِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَلَا يَجُوزُ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ اسْتِعْمَالُهَا فِي غَيْرِ الرُّكُوبِ بِمَا يَضُرُّ بِهَا، وَلَوْ عَجَزَتْ عَنْهُ جَازَ فِي غَيْرِهِ وَمِثْلُ الرُّكُوبِ الْإِنْزَاءُ مَثَلًا، وَكَذَا لَوْ وَقَفَهَا لِتُدْفَعَ لَهُ أُجْرَتُهَا امْتَنَعَ عَلَيْهِ رُكُوبُهَا. قَوْلُهُ: (مَاتَتْ الْبَهِيمَةُ) فَلَوْ لَمْ تَمُتْ وَأَشْرَفَتْ عَلَى الْمَوْتِ فَعَلَ الْحَاكِمُ مَا فِيهِ الْمَصْلَحَةُ مِنْ بَيْعِهَا قَبْلَ ذَبْحِهَا، أَوْ ذَبْحِهَا وَيَفْعَلُ بِلَحْمِهَا مَا يَرَاهُ مِنْ مَصْلَحَةٍ مِنْ بَيْعِهِ أَوْ غَيْرِهِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ ذَلِكَ عَادَتْ مِلْكًا لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ.

قَوْلُهُ: (فَإِنْ دَبَغَهُ) أَوْ انْدَبَغَ بِنَفْسِهِ. قَوْلُهُ: (أَصَحُّهُمَا الْعَوْدُ) إلَى الْوَقْفِ أَوْ وَقْفُ أَحَدِهِمَا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: (وَلَهُ مَهْرُ الْجَارِيَةِ) خَرَجَ بِهِ أَرْشُ الْبَكَارَةِ، لِأَنَّهُ بَدَلُ جُزْءٍ مِنْهَا. قَوْلُهُ: (بِشُبْهَةٍ) أَيْ مِنْهَا وَإِلَّا فَلَا مَهْرَ لَهَا وَمِنْ الشُّبْهَةِ النِّكَاحُ الْفَاسِدُ، وَمِنْهُ نِكَاحُ الْوَاقِفِ أَوْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ مَعَ الْعُذْرِ فِيهِمَا وَإِلَّا فَهُوَ كَقِيمَةِ الْعَبْدِ الْآتِيَةِ فَعَلَيْهِمَا الْحَدُّ لِحُرْمَةِ وَطْئِهَا عَلَيْهِمَا وَإِنَّمَا لَمْ يُحَدَّ الْمُوصَى لَهُ لِمِلْكِهِ الْمَنْفَعَةَ بِدَلِيلِ أَنَّهَا تُورَثُ عَنْهُ وَيَجِبُ الْمَهْرُ عَلَى الْوَاقِفِ لَا الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَهُ. قَوْلُهُ: (إنْ صَحَّحْنَاهُ) بِأَنْ كَانَ لِأَجْنَبِيٍّ كَمَا عُلِمَ، وَلَوْ وَقَفَ زَوْجَتَهُ عَلَيْهِ انْفَسَخَ نِكَاحُهُ إنْ قَبِلَ كَمَا مَرَّ أَوْ قُلْنَا بِعَدَمِ شَرْطِ الْقَبُولِ، فَلَوْ رَدَّ فِي الثَّانِيَةِ احْتَمَلَ عَدَمَ الِانْفِسَاخِ. قَوْلُهُ: (يُزَوِّجُهَا السُّلْطَانَ) وَلَا دَخْلَ لِلْوَلِيِّ الْخَاصِّ هُنَا كَالْأَبِ.

قَوْلُهُ: (وَيُسْتَأْذَن الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ) أَيْ الْمُعَيَّنُ وَإِلَّا فَالنَّاظِرُ. قَوْلُهُ: (وَلَوْ طَلَبَتْ إلَخْ) فَلَيْسَ لَهُمْ إجْبَارُهَا عَلَى النِّكَاحِ. قَوْلُهُ: (فَلَهُمْ الِامْتِنَاعُ) أَيْ السُّلْطَانُ وَالْوَاقِفُ وَالْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ: (أَيْ أَتْلَفَهُ أَجْنَبِيٌّ) لَيْسَ قَيْدًا مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ بَعْدَهُ وَالْمُرَادُ أَتْلَفَهُ إتْلَافًا مُضَمَّنًا وَإِلَّا بِأَنْ لَمْ يُقَصِّرْ فَلَا ضَمَانَ كَمَا لَوْ أَتْلَفَهُ فِي نَحْوِ صِيَالٍ وَخَرَجَ مَا لَوْ تَلِفَ كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ كَنَقْصِ رَصَاصِ حَمَّامٍ، فَإِنْ كَانَ بِتَقْصِيرٍ ضَمِنَهُ وَإِلَّا فَلَا كَمَا لَوْ تَلِفَ مِنْهُ كُوزُ سَبِيلٍ لِلشُّرْبِ مِنْهُ، وَلَوْ أَوْجَبَ إتْلَافُهُ قَوَدًا فَلِلْحَاكِمِ أَنْ يَقْتَصَّ وَيَفُوتُ الْوَقْفُ وَلَهُ الْعَفْوُ بِمَالٍ، وَلَا يَفُوتُ وَلَوْ جَنَى الْمَوْقُوفُ بِمَا يُوجِبُ الْقِصَاصَ جَازَ الِاقْتِصَاصُ، وَيَفُوتُ الْوَقْفُ كَمَا مَرَّ. أَوْ بِمَا يُوجِبُ مَالًا أَوْ عَفَى عَلَيْهِ فِدَاءُ الْوَاقِفِ

ــ

[حاشية عميرة]

كَالْمَدَارِسِ وَالرُّبُطِ، فَلَهُ أَنْ يَنْتَفِعَ خَاصَّةً دُونَ الْإِيجَارِ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ. وَمِنْهُ تَعْلَمُ أَنَّ بَيْتَ الْمُدَرِّسِ وَنَحْوَهُ لَا تَجُوزُ إجَارَتُهُ وَلَا إعَارَتُهُ. فَرْعٌ لَوْ نَقَصَ رَصَاصُ الْحَمَّامِ بِالِاسْتِعْمَالِ ضَمِنَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ مَا نَقَصَ قَالَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ بَحْثًا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَإِجَارَةٍ) أَيْ مَا لَمْ يَشْرُطْ نَفْيَهَا، وَكَذَا الْإِعَارَةُ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (مِنْ نَاظِرِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِجَارَةٍ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (كَثَمَرَةٍ) أَيْ بَعْدَ الْوَقْفِ. أَمَّا الْمَوْجُودُ عِنْدَهُ فَإِنْ كَانَتْ مُؤَبَّرَةً فَهِيَ مِلْكُ الْوَاقِفِ، أَوْ غَيْرَ مُؤَبَّرَةٍ فَوَجْهَانِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَكَذَا الْمَوْجُودَةُ فِي الْبِئْرِ عِنْدَ الْوَقْفِ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِلْكًا لِلْوَاقِفِ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَالثَّانِي يَكُونُ وَقْفًا) هُوَ نَظِيرُ مَا صَحَّحَاهُ فِي وَلَدِ الْمُوصِي بِمَنْفَعَتِهَا وَالْفَرْقُ قُوَّةُ الْمِلْكِ هُنَا. قَوْلُ الْمَتْنِ: (إنْ صَحَّحْنَاهُ) رُبَّمَا يُوهِمُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ عَلَى تَقْدِيرِ الْفَسَادِ وَلَيْسَ مُرَادًا.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (تَحْصِينًا لَهَا) أَيْ وَلِأَنَّهُ عَقْدٌ عَلَى الْمَنْفَعَةِ كَالْإِجَارَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>