للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نَقْلُهُ إلَى بَادِيَةٍ) لِخُشُونَةِ عَيْشِهَا، وَفَوَاتِ الْعِلْمِ بِالدِّينِ وَالصَّنْعَةِ فِيهَا. (وَالْأَصَحُّ أَنَّ لَهُ نَقْلَهُ إلَى بَلَدٍ آخَرَ وَأَنَّ لِلْغَرِيبِ إذَا الْتَقَطَ بِبَلَدٍ أَنْ يَنْقُلَهُ إلَى بَلَدِهِ) لِانْتِفَاءِ مَا ذُكِرَ فِي الْبَادِيَةِ وَالثَّانِي فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ لَا لِمَا فِيهِ مِنْ تَعْرِيضٍ فِيهِ لِلضَّيَاعِ، فَإِنَّهُ يُطْلَبُ غَالِبًا حَيْثُ ضَاعَ (وَإِنْ وَجَدَهُ) أَيْ الْبَلَدِيُّ (بِبَادِيَةٍ فَلَهُ نَقْلُهُ إلَى بَلَدٍ) لِأَنَّهُ أَرْفَقُ بِهِ. (وَإِنْ وَجَدَهُ بَدْوِيٌّ بِبَلَدٍ فَكَالْحَضَرِيِّ) أَيْ فَلَيْسَ لَهُ نَقْلُهُ إلَى بَادِيَةٍ، وَلَهُ نَقْلُهُ إلَى بَلَدٍ آخَرَ فِي الْأَصَحِّ. (أَوْ) وَجَدَهُ أَيْ الْبَدْوِيُّ (بِبَادِيَةٍ أُقِرَّ بِيَدِهِ) وَإِنْ كَانَ أَهْلُ حِلَّتِهِ يَنْتَقِلُونَ. (وَقِيلَ إنْ كَانُوا يَنْتَقِلُونَ لِلنُّجْعَةِ) بِضَمِّ النُّونِ أَيْ الذَّهَابِ لِطَلَبِ الْمَرْعَى وَغَيْرِهِ (لَمْ يُقَرَّ) لِمَا فِيهِ مِنْ تَعْرِيضِ نَسَبِهِ لِلضَّيَاعِ وَالْبَلَدِيُّ سَاكِنُ الْبَلَدِ، وَالْبَدْوِيُّ سَاكِنُ الْبَادِيَةِ، وَالْحَضَرِيُّ سَاكِنُ الْحَاضِرَةِ وَهِيَ خِلَافُ الْبَادِيَةِ كَالْبَلَدِ.

(وَنَفَقَتُهُ فِي مَالِهِ الْعَامِّ كَوَقْفٍ عَلَى اللُّقَطَاءِ) أَوْ الْوَصِيَّةِ لَهُمْ (أَوْ الْخَاصِّ وَهُوَ مَا اخْتَصَّ بِهِ كَثِيَابٍ مَلْفُوفَةٍ عَلَيْهِ) وَمَلْبُوسَةٍ لَهُ.

(وَمَفْرُوشَةٍ تَحْتَهُ) وَمُغَطًّى بِهَا (وَمَا فِي جَيْبِهِ مِنْ دَرَاهِمَ وَغَيْرِهَا وَمَهْدُهُ) الَّذِي هُوَ فِيهِ (وَدَنَانِيرُ مَنْثُورَةٌ فَوْقَهُ وَتَحْتَهُ) لِأَنَّ لَهُ يَدًا وَاخْتِصَاصًا كَالْبَالِغِ وَالْأَصْلُ الْحُرِّيَّةُ مَا لَمْ يُعْرَفْ غَيْرُهَا. (وَإِنْ وُجِدَ فِي دَارٍ) لَيْسَ فِيهَا غَيْرُهُ. (فَهِيَ لَهُ) لِمَا تَقَدَّمَ. (وَلَيْسَ لَهُ مَالٌ مَدْفُونٌ تَحْتَهُ، وَكَذَا ثِيَابٌ وَأَمْتِعَةٌ مَوْضُوعَةٌ بِقُرْبِهِ) لَيْسَتْ لَهُ. (فِي الْأَصَحِّ) كَالْبَعِيدَةِ عَنْهُ، (فَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ لَهُ مَالٌ فَالْأَظْهَرُ، أَنَّهُ يُنْفَقُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ) مِنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ، وَالثَّانِي يُقْتَرَضُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ أَوْ غَيْرِهِ، لِجَوَازِ أَنْ يَظْهَرَ لَهُ مَالٌ. (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ) أَيْ فِيهِ مَالٌ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ. (قَامَ الْمُسْلِمُونَ بِكِفَايَتِهِ قَرْضًا) بِالْقَافِ. (وَفِي قَوْلٍ نَفَقَةً) فَإِنْ قَامَ بِهَا بَعْضُهُمْ انْدَفَعَ الْحَرَجُ عَنْ الْبَاقِينَ، وَالْمَعْنَى عَلَى جِهَةِ الْقَرْضِ أَوْ النَّفَقَةِ، فَالنَّصْبُ عَلَى نَزْعِ الْخَافِضِ (وَلِلْمُلْتَقِطِ الِاسْتِقْلَالُ بِحِفْظِ مَالِهِ فِي الْأَصَحِّ) كَحِفْظِهِ وَالثَّانِي يَحْتَاجُ إلَى إذْنِ الْقَاضِي. (وَلَا يُنْفَقُ عَلَيْهِ مِنْهُ إلَّا بِإِذْنِ الْقَاضِي قَطْعًا) أَيْ عَلَى الْوَجْهَيْنِ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ، إذَا أَمْكَنَتْ مُرَاجَعَتُهُ فَإِنْ أَنْفَقَ بِلَا إذْنِهِ ضَمِنَ.

ــ

[حاشية قليوبي]

وَجَوَابٌ عَنْهُ وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَوْلَوِيَّةِ السُّكُوتِ عَنْهُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ.

قَوْلُهُ: (فَلَيْسَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ يَجُوزُ النَّقْلُ لِلْمَثَلِ، وَالْأَعْلَى لَا لِلدُّونِ إلَّا فِي بَادِيَةٍ يَسْهُلُ مَعَهَا تَحْصِيلُ مَا ذُكِرَ وَلَا يَجُوزُ النَّقْلُ مُطْلَقًا إلَّا مَعَ تَوَاصُلِ الْأَخْبَارِ وَأَمْنِ الطَّرِيقِ وَالْمَقْصِدِ. قَوْلُهُ: (فَلَهُ) بَلْ يَجِبُ مَعَ عَدَمِ الْأَمْنِ. قَوْلُهُ: (وَالْبَلَدِيُّ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْعِمَارَةَ إنْ قَلَّتْ فَقَرْيَةٌ، أَوْ كَثُرَتْ فَبَلَدٌ أَوْ عَظُمَتْ فَمَدِينَةٌ، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ كَمَا ذَكَرَهُ الْفُقَهَاءُ فِي الْجُمُعَةِ وَهُوَ أَنَّ الْبَلَدَ مَا فِيهِ حَاكِمٌ شَرْعِيٌّ أَوْ شُرْطِيٌّ أَوْ أَسْوَاقٌ لِلْمُعَامَلَةِ، وَإِنْ جَمَعْت الْكُلَّ فَمِصْرٌ وَمَدِينَةٌ وَإِنْ خَلَتْ عَنْ الْكُلِّ فَقَرْيَةٌ وَعُلِمَ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ الْبَلَدِيَّ أَخَصُّ مِنْ الْحَضَرِيِّ.

قَوْلُهُ: (عَلَى اللُّقَطَاءِ) أَوْ الْفُقَرَاءِ لِأَنَّهُ مِنْهُمْ. قَوْلُهُ: (أَوْ الْخَاصِّ) وَيُقَدَّمُ عَلَى الْعَامِّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. قَوْلُهُ: (كَثِيَابٍ إلَخْ) وَكَذَا دَابَّةٌ زِمَامُهَا فِي يَدِهِ أَوْ مَرْبُوطٌ عَلَيْهَا بِنَحْوِ وَسَطِهِ، أَوْ رَاكِبٌ عَلَيْهَا وَلَوْ مَعَ سَائِقٍ وَقَائِدٍ وَمَا عَلَيْهَا تَبَعٌ لَهَا. قَوْلُهُ: (فِي دَارٍ) فَهِيَ لَهُ وَكَذَا فِي قَرْيَةٍ لَا فِي بَابِهَا وَلَا فِي بُسْتَانٍ لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِالسُّكْنَى فِيهِ، وَإِلَّا فَكَالدَّارِ وَمَا فِي الدَّارِ وَالْبُسْتَانِ تَابِعٌ لَهُمَا مِلْكًا وَعَدَمَهُ. قَوْلُهُ: (لَيْسَ فِيهَا غَيْرُهُ) فَإِنْ كَانَ مَعَهُ غَيْرُهُ، فَلَهُ حِصَّتُهُ بِعَدَدِهِ بِحَسَبِ الرُّءُوسِ. قَوْلُهُ: (لِمَا تَقَدَّمَ) مِنْ كَوْنِهِ أَنَّ لَهُ يَدًا أَوْ اخْتِصَاصًا فَيَبُتُّ لَهُ الْحَاكِمُ التَّصَرُّفَ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ، وَيُحْكَمُ لَهُ بِهِ عِنْدَ مَنْ يُنَازِعُهُ فِيهِ لَا مُطْلَقًا مَا لَمْ يُعْلَمْ خِلَافُ شَيْءٍ مِنْهُ. قَوْلُهُ: (وَلَيْسَ لَهُ مَالٌ مَدْفُونٌ تَحْتَهُ) وَإِنْ كَانَ فِيهِ رُقْعَةٌ مَكْتُوبٌ فِيهَا أَنَّهُ لَهُ ثُمَّ إنْ كَانَ فِيهِ خَيْطٌ مَرْبُوطٌ بِنَحْوِ يَدِهِ مَثَلًا فَهُوَ لَهُ، كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَاعْتَمَدَهُ الْخَطِيبُ وَشَيْخُنَا الرَّمْلِيُّ، وَكَذَا لَوْ حَكَمَ حَاكِمٌ بِأَنَّ الْمَكَانَ لَهُ فَهُوَ لَهُ تَبَعًا لِلْمَكَانِ. قَوْلُهُ: (أَنَّهُ يُنْفِقُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ) وَلَوْ مَحْكُومًا بِكُفْرِهِ وَإِذَا أَنْفَقَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، فَلَا رُجُوعَ أَخْذًا مِنْ الْمُقَابِلِ. قَوْلُهُ: (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيْتُ مَالٍ) أَوْ كَانَ غَيْرُهُ أَهَمَّ أَوْ مُنِعَ ظُلْمًا، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ شَامِلٌ لِذَلِكَ فَكَانَ الْأَنْسَبُ لِلشَّارِحِ ذَلِكَ، وَإِنْ خَالَفَ الْمُحَرِّرُ وَغَيْرُهُ. قَوْلُهُ: (قَامَ بِهِ الْمُسْلِمُونَ) أَيْ الْمَيَاسِيرُ بِمَا فِي نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ، وَيُقَدَّمُ عَلَيْهِمْ بَعْدَ بَيْتِ الْمَالِ الِاقْتِرَاضُ عَلَيْهِ إنْ رَآهُ الْحَاكِمُ وَيُوَزِّعُهَا عَلَى مَيَاسِيرِ بَلَدِهِ، فَعَلَى مَنْ يَرَاهُ مِنْهُمْ فَيَتَخَيَّرُ إنْ اسْتَوَوْا.

قَوْلُهُ: (قَرْضًا بِالْقَافِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَسَيَأْتِي مَا لَوْ ظَهَرَ لَهُ مَالٌ. قَوْلُهُ: (وَفِي قَوْلٍ نَفَقَةً) أَيْ فَلَا رُجُوعَ بِهَا وَهَذَا يُوَافِقُ مَا فِي السِّيَرِ مِنْ

ــ

[حاشية عميرة]

لِلْفَقِيرِ وَالْمَسْتُورِ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ يُقَدَّمُ غَنِيٌّ عَلَى فَقِيرٍ، وَعَدْلٌ عَلَى مَسْتُورٍ.

قَوْلُهُ: (لِخُشُونَةِ عَيْشِهَا) وَأَيْضًا فَظُهُورُ نَسَبِهِ بِمَحِلِّ الْتِقَاطِهِ أَغْلَبُ، لَا فَرْقَ بَيْنَ سَفَرِ النَّقْلَةِ وَغَيْرِهِ. قَوْلُهُ: (لِمَا فِيهِ مِنْ تَعْرِيضٍ إلَى آخِرِهِ) وَالْأَوَّلُ لَمْ يَعْتَبِرْ هَذِهِ الْعِلَّةَ، وَنَظَرَ إلَى اسْتِوَائِهِمَا فِي الْعَيْشِ، وَتَعَلُّمِ الدِّينِ وَالصَّنْعَةِ، فَإِنَّهَا الْعِلَّةُ الصَّحِيحَةُ. قَوْلُهُ: (لِمَا فِيهِ إلَخْ) أَجَابَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ أَطْرَافَ الْبَادِيَةِ كَمَحَالِّ الْبَلْدَةِ الْوَاسِعَةِ. قَوْلُهُ: (كَالْبَلَدِ) مِثَالٌ بِخِلَافِ الْبَادِيَةِ وَمِثَالُهُ أَيْضًا الْقَرْيَةُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْبَلَدِيَّ أَخَصُّ مِنْ الْحَضَرِيِّ هَذَا مُرَادُهُ فِيمَا يَظْهَرُ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (فِي مَالِهِ) أَيْ كَمَا فِي الطِّفْلِ الَّذِي لَهُ أَبٌ مَوْجُودٌ وَأَوْلَى، وَلَا تَجِبُ عَلَى الْمُلْتَقِطِ بِالْإِجْمَاعِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (كَثِيَابٍ إلَخْ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: الْمُرَادُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لَهُ جَوَازُ التَّصَرُّفِ وَدَفْعُ الْمُنَازَعِ لَهُ، لَا أَنَّ ذَلِكَ يَكُونُ طَرِيقًا لِحُكْمِ الْحَاكِمِ بِصِحَّةِ مِلْكِهِ لَهُ فَتَفَطَّنْ لَهُ، فَإِنَّهُ لَا يَسُوغُ لِلْحَاكِمِ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ أَنْ يَقُولَ: ثَبَتَ عِنْدِي، انْتَهَى. أَقُولُ: فِيهِ شِبْهُ تَدَافُعٍ، لِأَنَّ الْمُنَازِعَ لَا يُدْفَعُ إلَّا بِالْحَاكِمِ ثُمَّ رَأَيْت السُّبْكِيَّ ذَكَرَ أَنَّهُ طَرِيقٌ لِلْحُكْمِ بِدَفْعِ الْمُنَازِعِ لَا لِلْحُكْمِ بِالْمِلْكِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَيْسَ لَهُ مَالٌ مَدْفُونٌ تَحْتَهُ) أَيْ لِأَنَّهُ لَا يَقْصِدُ بِالدَّفْنِ الضَّمَّ إلَى الطِّفْلِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (مَوْضُوعَةً بِقُرْبِهِ) لَوْ كَانَتْ فِي دَارٍ هُوَ فِيهَا، فَالظَّاهِرُ أَنَّهَا لَهُ كَالدَّارِ وَمِثْلُهُ يُقَالُ فِي الدَّفِينِ السَّابِقِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (مِنْ بَيْتِ الْمَالِ) قَالَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: لِلْمُلْتَقِطِ لَقِيطًا لَك وَلَاؤُهُ وَعَلَيْنَا نَفَقَتُهُ، ثُمَّ لَا فَرْقَ فِي هَذَا بَيْنَ اللَّقِيطِ الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (قَرْضًا) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: هُوَ مُشْكِلٌ مَعَ

<<  <  ج: ص:  >  >>