للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَكَذَا إنْ ادَّعَاهُ الْمُلْتَقِطُ) أَيْ بِلَا بَيِّنَةٍ لَمْ يُقْبَلْ (فِي الْأَظْهَرِ) لِأَنَّ الْأَصْلَ الْحُرِّيَّةُ، وَالثَّانِي يُقْبَلُ وَيُحْكَمُ لَهُ بِالرِّقِّ، كَمَا فِي يَدِ غَيْرِ الْمُلْتَقِطِ، وَسَيَأْتِي وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ اللَّقِيطَ مَحْكُومٌ بِحُرِّيَّتِهِ ظَاهِرًا بِخِلَافِ غَيْرِهِ. (وَلَوْ رَأَيْنَا صَغِيرًا مُمَيِّزًا، أَوْ غَيْرَهُ فِي يَدِ مَنْ يَسْتَرِقُّهُ وَلَمْ نَعْرِفْ اسْتِنَادَهَا إلَى الْتِقَاطٍ حُكِمَ لَهُ بِالرِّقِّ) بِدَعْوَاهُ لِأَنَّهُ الظَّاهِرُ مِنْ حَالِهِ وَلَا أَثَرَ لِإِنْكَارِ الصَّغِيرِ ذَلِكَ. (فَإِنْ بَلَغَ وَقَالَ أَنَا حُرٌّ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ فِي الْأَصَحِّ إلَّا بِبَيِّنَةٍ) لِأَنَّهُ قَدْ حُكِمَ بِرِقِّهِ فَلَا يُرْفَعُ ذَلِكَ الْحُكْمُ إلَّا بِحُجَّةٍ، وَالثَّانِي يُقْبَلُ قَوْلُهُ، إلَّا أَنْ يُقِيمَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً بِرِقِّهِ. (وَمَنْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِرِقِّهِ عُمِلَ بِهَا وَيُشْتَرَطُ أَنْ تَتَعَرَّضَ الْبَيِّنَةُ لِسَبَبِ الْمِلْكِ) لَهُ مِنْ إرْثٍ أَوْ شِرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِمَا لِئَلَّا تُعْتَمَدُ ظَاهِرُ يَدٍ الِالْتِقَاطِ. (وَفِي قَوْلٍ يَكْفِي مُطْلَقُ الْمِلْكِ) كَمَا فِي الدَّارِ وَالثَّوْبِ وَغَيْرِهِمَا وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ أَمْرَ الرِّقِّ خَطِيرٌ فَاحْتِيجَ فِيهِ.

(وَلَوْ اسْتَلْحَقَ اللَّقِيطَ) الْمُسْلِمَ (حُرٌّ مُسْلِمٌ لَحِقَهُ) بِشُرُوطِهِ السَّابِقَةِ فِي الْإِقْرَارِ سَوَاءٌ الْمُلْتَقِطُ وَغَيْرُهُ. (وَصَارَ أَوْلَى بِتَرْبِيَتِهِ) مِنْ غَيْرِهِ أَيْ أَحَقَّ بِهِمَا بِمَعْنَى أَنَّهُ مُسْتَحِقٌّ لَهَا دُونَ غَيْرِهِ وَاسْتِلْحَاقُ الْكَافِرِ كَاسْتِلْحَاقِ الْمُسْلِمِ الْمُسْلِمَ. (وَإِنْ اسْتَلْحَقَهُ عَبْدٌ لَحِقَهُ) لِإِمْكَانِ حُصُولِهِ مِنْهُ بِنِكَاحٍ أَوْ وَطْءِ شُبْهَةٍ. (وَفِي قَوْلٍ يُشْتَرَطُ تَصْدِيقُ سَيِّدِهِ) لِأَنَّ اللُّحُوقَ يَمْنَعُهُ الْإِرْثَ لَوْ أَعْتَقَهُ. (وَإِنْ اسْتَلْحَقَتْهُ امْرَأَةٌ لَمْ يَلْحَقْهَا فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي يَلْحَقُهَا كَالرَّجُلِ وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ بِإِمْكَانِ إقَامَتِهَا الْبَيِّنَةَ عَلَى وِلَادَتِهَا بِالْمُشَاهَدَةِ، بِخِلَافِ الرَّجُلِ وَالثَّالِثُ يَلْحَقُ الْخَلِيَّةَ دُونَ الْمُزَوِّجَةِ وَعَلَى الثَّانِي لَا يَلْحَقُ زَوْجَهَا وَقِيلَ يَلْحَقُهُ وَاسْتِلْحَاقُ الْأَمَةِ كَالْحُرَّةِ، وَإِنْ جَوَّزْنَا اسْتِلْحَاقَ الْعَبْدِ فَإِنْ أَثْبَتْنَاهُ لَمْ يُحْكَمْ بِرِقِّ الْوَلَدِ لِمَوْلَاهَا، وَقِيلَ يُحْكَمُ بِهِ. (أَوْ) اسْتَلْحَقَهُ (اثْنَانِ لَمْ يُقَدَّمْ مُسْلِمٌ وَحُرٌّ عَلَى ذِمِّيٍّ وَعَبْدٍ) بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ اسْتِلْحَاقِ الْعَبْدِ، بَلْ يَسْتَوِي الْمُسْلِمُ وَالذِّمِّيُّ وَالْحُرُّ وَالْعَبْدُ، لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمْ أَهْلٌ لَوْ انْفَرَدَ فَلَا بُدَّ مِنْ مُرَجِّحٍ (فَإِنْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ) لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ (عُرِضَ) اللَّقِيطُ (عَلَى الْقَائِفِ فَيَلْحَقُ مَنْ أَلْحَقَهُ بِهِ) وَسَيَأْتِي بَيَانُ الْقَائِفِ فِي فَصْلٍ آخَرَ كِتَابُ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَاتِ (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَائِفٌ أَوْ) وُجِدَ لَكِنْ (تَحَيَّرَ أَوْ نَفَاهُ عَنْهُمَا أَوْ أَلْحَقَهُ بِهِمَا أُمِرَ) اللَّقِيطُ (بِالِانْتِسَابِ بَعْدَ بُلُوغِهِ) وَعِبَارَةُ الرَّوْضَةِ، كَأَصْلِهَا تُرِكَ حَتَّى يَبْلُغَ فَإِذَا بَلَغَ أُمِرَ بِالِانْتِسَابِ. (إلَى مَنْ يَمِيلُ طَبْعُهُ إلَيْهِ مِنْهُمَا) بِحُكْمِ الْجِبِلَّةِ لَا بِمُجَرَّدِ التَّشَهِّي، وَعَلَيْهِمَا النَّفَقَةُ مُدَّةُ الِانْتِظَارِ، فَإِذَا انْتَسَبَ إلَى أَحَدِهِمَا، رَجَعَ الْآخَرُ عَلَيْهِ

ــ

[حاشية قليوبي]

يَدِهِ عَلَى الْأَوْجَهِ خُصُوصًا إنْ أَشْهَدَ بِحُرِّيَّتِهِ. قَوْلُهُ: (بِدَعْوَاهُ) أَيْ مَعَ حَلِفِهِ وَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ السَّبَبِ. قَوْلُهُ: (إلَّا بِبَيِّنَةٍ) نَعَمْ لَهُ تَحْلِيفُهُ كَمَا قَالَاهُ اهـ.

قَوْلُهُ: (بِرِقِّهِ) أَيْ الْمَلْقُوطِ وَمِثْلُهُ غَيْرُهُ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ اُسْتُلْحِقَ اللَّقِيطُ) أَيْ الصَّغِيرُ وَغَيْرُ اللَّقِيطِ كَذَلِكَ حُرٌّ مُسْلِمٌ سَوَاءٌ الرَّشِيدُ وَالسَّفِيهُ، وَالْمُلْتَقَطُ وَغَيْرُهُ لَحِقَهُ فِي النَّسَبِ وَالْحُرِّيَّةِ وَالْإِسْلَامِ وَالْإِرْثِ، وَلَا يَلْحَقُ زَوْجَتَهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، وَيُنْدَبُ لِلْقَاضِي اسْتِفْسَارُهُ بِكَوْنِهِ مِنْ زَوْجَتِهِ أَوْ أَمَتِهِ أَوْ مِنْ شُبْهَةٍ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَظُنَّ أَنَّ الِالْتِقَاطَ يُفِيدُ النَّسَبَ وَبَحَثَ الزَّرْكَشِيُّ الْوُجُوبَ مِمَّنْ يَخْفَى عَلَيْهِ ذَلِكَ. قَوْلُهُ: (وَاسْتِلْحَاقُ الْكَافِرِ الْكَافِرَ) وَكَذَا الْمُسْلِمُ لَمْ يَتْبَعْهُ فِي الْكُفْرِ كَمَا مَرَّ. قَوْلُهُ: (وَإِنْ اسْتَلْحَقَهُ عَبْدٌ لَحِقَهُ) أَيْ مِنْ حَيْثُ النَّسَبُ لَا فِي الرِّقِّ وَيُقَرُّ فِي يَدِ الْمُلْتَقِطِ وَنَفَقَتُهُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ. وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْكَافِرَ لَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً لَحِقَهُ الْوَلَدُ فِي الْكُفْرِ، وَفَارَقَ عَدَمَ لُحُوقِهِ فِي الرِّقِّ هُنَا بِأَنَّ فِيهِ إثْبَاتَ مِلْكٍ لِلْغَيْرِ هُنَا وَبِأَنَّ احْتِمَالَ حُرِّيَّةِ الْوَلَدِ بِكَوْنِهِ مِنْ حُرَّةٍ تَزَوَّجَ بِهَا الْعَبْدُ، أَوْ بِكَوْنِهِ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ أَقْوَى مِنْ احْتِمَالِ وُجُودِ هُنَا وَبِأَنَّ احْتِمَالَ حُرِّيَّةِ الْوَلَدِ بِكَوْنِهِ مِنْ حُرَّةٍ تَزَوَّجَ بِهَا الْعَبْدُ، أَوْ بِكَوْنِهِ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ أَقْوَى مِنْ احْتِمَالِ وُجُودِ أَصْلٍ مُسْلِمٍ لِلْكَافِرِ. قَوْلُهُ: (لَمْ يُحْكَمْ بِرِقِّ الْوَلَدِ لِمَوْلَاهَا) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَلَا يَلْحَقُ زَوْجَهَا. فَرْعٌ يَصِحُّ اسْتِلْحَاقُ الْخُنْثَى وَيَثْبُتُ النَّسَبُ مِنْهُ وَلَوْ مَاتَ هَذَا الْوَلَدُ فَانْظُرْ مَاذَا يَرِثُ مِنْهُ الْخُنْثَى. قَوْلُهُ: (اثْنَانِ) أَيْ مَعًا فَإِنْ سَبَقَ أَحَدُهُمَا قُدِّمَ إنْ كَانَ لَهُ يَدٌ عَنْ غَيْرِ لَقْطٍ وَإِلَّا فَكَالْمَعِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ. قَوْلُهُ: (عُرِضَ عَلَى قَائِفٍ) أَيْ بَعْدَ فَقْدِ السَّبْقِ الْمَذْكُورِ وَيُقَدَّمُ السَّابِقُ إذَا تَعَارَضَ قَائِفَانِ، وَلَا يَصِحُّ رُجُوعُ الْقَائِفِ عَنْ قَوْلِهِ الْأَوَّلِ لِأَنَّ الِاجْتِهَادَ لَا يُنْقَضُ بِمِثْلِهِ.

قَوْلُهُ: (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَائِفٌ) أَيْ لَمْ يُوجَدْ فِي أَقَلَّ مِنْ مَسَافَةِ الْقَصْرِ فَهُوَ فِيهَا كَالْمَعْدُومِ. قَوْلُهُ: (أُمِرَ) أَيْ وُجُوبًا وَحُبِسَ حَتَّى يُقِرَّ لَكِنْ بَعْدَ بُلُوغِهِ كَمَا ذَكَرَهُ عَنْ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا. قَوْلُهُ: (بِمُجَرَّدِ التَّشَهِّي) بَلْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ. وَشَرَطَ الْمَاوَرْدِيُّ اسْتِقَامَةَ طَبِيعَتِهِ وَاتِّضَاحَ ذَكَائِهِ وَمَعْرِفَتَهُ. قَوْلُهُ: (رَجَعَ إلَخْ) أَيْ إنْ أَنْفَقَ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ

ــ

[حاشية عميرة]

هَذَا حُكْمٌ مَاضٍ لَا مُسْتَقْبَلٌ، وَإِنْ كَانَ صُدُورُ الْإِقْرَارِ مُسْتَقْبَلًا.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَكَذَا إنْ ادَّعَاهُ الْمُلْتَقِطُ) لَكِنْ هَلْ يُنْزَعُ مِنْ يَدِهِ، قَالَ الْمُزَنِيّ: لَا وَقَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: نَعَمْ لِأَنَّهُ بَطَلَتْ أَمَانَتُهُ عَلَيْهِ وَاعْتُرِضَ بِاحْتِمَالِ صِدْقِهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَمَنْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِرِقِّهِ) أَيْ اللَّقِيطِ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (وَلَوْ اسْتَلْحَقَ إلَخْ) وَجْهُ ذَلِكَ أَنَّ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ عَلَى النَّسَبِ عُسْرَةٌ، فَلَوْ كُلِّفَ الشَّخْصُ ذَلِكَ وَلَمْ يَكْتَفِ فِيهِ بِالدَّعْوَى لَضَاعَتْ الْأَنْسَابُ، وَلَا فَرْقَ فِي الْمُسْتَلْحَقِ بَيْنَ الرَّشِيدِ وَالسَّفِيهِ الْمُلْتَقِطِ وَغَيْرِهِ، لَكِنْ يُسْتَحَبُّ لِلْقَاضِي أَنْ يَسْأَلَهُ مِنْ أَيْنَ لَهُ ذَلِكَ، أَمِنْ أَمَةٍ أَمْ حُرَّةٍ مِنْ شُبْهَةٍ أَوْ نِكَاحٍ، فَإِنَّهُ قَدْ يَظُنُّ الِاكْتِفَاءَ فِي ذَلِكَ بِالِالْتِقَاطِ ثُمَّ أَحْكَامُ النَّسَبِ ثَبَتَتْ مِنْ الْجَانِبَيْنِ، فَيَرِثُ كُلٌّ مِنْهُمَا الْآخَرَ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ الْمُسْلِمُ ذُكِرَ تَوْطِئَةً لِتَقْيِيدِ الْمَتْنِ الْمُلْتَقِطَ بِالْمُسْلِمِ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (مُسْلِمٌ) لَوْ اسْتَلْحَقَ الذِّمِّيُّ لَقِيطًا مَحْكُومًا بِإِسْلَامِهِ فِي الدَّارِ لَحِقَهُ وَلَا يَتْبَعُهُ فِي الْكُفْرِ كَمَا سَلَفَ وَحِينَئِذٍ فَلَا يَصِيرُ أَحَقَّ بِتَرْبِيَتِهِ وَلَا يُسَلَّمُ إلَيْهِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (لَحِقَهُ) أَيْ فِي النَّسَبِ فَقَطْ، وَهُوَ بَاقٍ عَلَى حُرِّيَّتِهِ. قَوْلُهُ: (بِنِكَاحٍ إلَخْ) لَكِنْ لَا يُسَلَّمُ إلَيْهِ لِأَنَّهُ مَشْغُولٌ بِأَمْرِ الرِّقِّ. قَوْلُ الْمَتْنِ (وَفِي قَوْلٍ يُشْتَرَطُ تَصْدِيقُ سَيِّدِهِ) مِثْلُ تَصْدِيقِهِ، مَا لَوْ كَانَ أَذِنَ لَهُ فِي النِّكَاحِ. قَوْلُ الْمَتْنِ: (أُمِرَ اللَّقِيطُ) أَيْ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَا حَيَّيْنِ وَيَكُونَ الْفَطِنَةُ صَحِيحَ الذَّكَاءِ. قَوْلُهُ: (رَجَعَ الْآخَرُ عَلَيْهِ) قَالَ فِي الْخَادِمِ نَقْلًا، عَنْ الرَّافِعِيِّ مَحِلُّ هَذَا إذَا أَنْفَقَ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ انْتَهَى فَانْدَفَعَ الْإِشْكَالُ بِأَنَّ نَفَقَةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>