كَالْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ (وَلَوْ قَالَ) مَنْ رَدَّهُ (مِنْ بَلَدِ كَذَا) فَلَهُ كَذَا بِنَاءً عَلَى الصِّحَّةِ فِي الْمَعْلُومِ. (فَرَدَّهُ مِنْ أَقْرَبَ مِنْهُ فَلَهُ قِسْطُهُ مِنْ الْجُعْلِ) وَلَوْ رَدَّهُ مِنْ أَبْعَدَ مِنْهُ، فَلَا زِيَادَةَ لَهُ لِعَدَمِ الْتِزَامِهَا، (وَلَوْ اُشْتُرِطَ اثْنَانِ فِي رَدِّهِ اشْتَرَكَا فِي الْجُعْلِ) بِالسَّوِيَّةِ. (وَلَوْ الْتَزَمَ جُعْلًا لِمُعَيَّنٍ) كَقَوْلِهِ إنْ رَدَدْته فَلَكَ دِينَارٌ (فَشَارَكَهُ غَيْرُهُ فِي الْعَمَلِ إنْ قَصَدَ إعَانَتَهُ فَلَهُ) أَيْ لِلْمُعَيَّنِ (كُلُّ الْجُعْلِ وَإِنْ قَصَدَ الْعَمَلَ لِلْمَالِكِ فَلِلْأَوَّلِ)
ــ
[حاشية قليوبي]
قَوْلُهُ: (فَلَهُ ثَوْبٌ) وَكَذَا لَهُ ثِيَابُ الْعَبْدِ أَوْ رُبُعُهُ وَلَيْسَا مَعْلُومَيْنِ، وَإِلَّا فَهُوَ إجَارَةٌ إنْ وُجِدَتْ شُرُوطُهَا، وَإِلَّا فَلَهُ عَيْنُ الْمَشْرُوطِ.
قَوْلُهُ: (فَرَدَّهُ مَنْ أَقْرَبُ مِنْهُ فَلَهُ قِسْطُهُ) وَكَذَا لَوْ أَخَذَهُ الْمَالِكُ مِنْهُ فِي الطَّرِيقِ، وَلَوْ رَدَّهُ مِنْ مِثْلِ الْمَسَافَةِ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى اسْتَحَقَّ جَمِيعَ الْجُعْلِ.
قَوْلُهُ: (فَلَهُ قِسْطُهُ) أَيْ لَهُ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ أَوْ مِنْ الْمَشْرُوطِ بِنِسْبَةِ مَا قَطَعَهُ مِنْ الطَّرِيقِ إلَى الْبَلَدِ، فَإِنْ كَانَ نِصْفًا فَلَهُ النِّصْفُ، وَهَكَذَا وَلَا يَدْخُلُ زَمَنُ التَّسْلِيمِ فِي التَّقْسِيطِ. نَعَمْ لَوْ اخْتَلَفَ الطَّرِيقُ صُعُوبَةً وَسُهُولَةً اُعْتُبِرَ كُلٌّ بِمَا يُنَاسِبُهُ، فَلَوْ كَانَ النِّصْفُ الَّذِي قَطَعَهُ قَدْرَ ضِعْفِ الْبَاقِي فِي الْمَشَقَّةِ فَلَهُ ثُلُثَا الْجُعْلِ وَعَكْسُهُ.
قَوْلُهُ: (فَلَا زِيَادَةَ لَهُ) أَيْ لَا شَيْءَ لَهُ فِي مُقَابَلَةِ الزَّائِدِ عَلَى الْمَسَافَةِ الْمَشْرُوطَةِ، وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْهَا أَوْ أَصْعَبَ.
قَوْلُهُ: (اشْتَرَكَا فِي الْجُعْلِ بِالسَّوِيَّةِ) فَهُوَ عَلَى عَدَدِ الرُّءُوسِ لِأَنَّ الْعَمَلَ مَجْهُولٌ، وَلَيْسَ أَحَدُهُمَا يُسَمَّى رَادًّا وَحْدَهُ وَعَمَلُهُمَا مَعًا وَاقِعٌ لِلْمَالِكِ، وَبِذَلِكَ فَارَقَ مَا لَوْ قَالَ شَرِيكَانِ فِي عَبْدٍ مَنْ رَدَّ عَبْدَنَا فَلَهُ دِينَارٌ، فَإِنَّهُ يُوَزَّعُ الدِّينَارُ عَلَى قَدْرِ مِلْكَيْهِمَا، لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ فَعَلَى مَنْ لَهُ ثُلُثُ الْعَبْدِ ثُلُثُ الدِّينَارِ، وَمَا لَوْ قَالَ مَنْ دَخَلَ دَارِي فَلَهُ دِرْهَمٌ، فَدَخَلَهَا اثْنَانِ فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا دِرْهَمٌ، لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يُسَمَّى دَاخِلًا وَمَا لَوْ قَالَ مَنْ حَجّ عَنِّي فَلَهُ دِينَارٌ، فَحَجَّ عَنْهُ اثْنَانِ مَثَلًا فَإِنَّهُ يَقَعُ عَنْهُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا فَإِنْ سَبَقَ أَحَدُهُمَا تَعَيَّنَ لَهُ الدِّينَارُ، وَإِلَّا اسْتَحَقَّهُ أَحَدُهُمَا غَيْرَ مُعَيَّنٍ. تَنْبِيهٌ مَحِلُّ الِاشْتِرَاكِ الْمَذْكُورِ، إذَا لَمْ يَقْصِدْ أَحَدُهَا إعَانَةَ الْآخَرِ أَوْ الْمَالِكِ بِأَنْ قَصَدَ نَفْسَهُ أَوْ أَطْلَقَ، وَإِلَّا فَفِيهِ مَا فِي الْمَسْأَلَةِ بَعْدَ هَذِهِ.
قَوْلُهُ: (إنْ قَصَدَ إعَانَتَهُ إلَخْ) فَلَوْ قَصَدَ إعَانَةَ الْعَامِلِ وَالْمَالِكِ مَعًا فَلِلْعَامِلِ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ الْجُعْلِ، وَلَا شَيْءَ لِهَذَا وَإِنْ قَصَدَ نَفْسَهُ وَالْعَامِلَ فَلِهَذَا الرُّبُعُ وَالْبَاقِي لِلْعَامِلِ كَمَا مَرَّ. وَإِنْ قَصَدَ نَفْسَهُ وَالْمَالِكَ لَهُ الرُّبُعُ وَلِلْأَوَّلِ النِّصْفُ، وَإِنْ قَصَدَ الثَّلَاثَةَ فَلَهُ السُّدُسُ وَلِلْعَامِلِ الثُّلُثَانِ، وَإِنْ قَصَدَ نَفْسَهُ أَوْ أَطْلَقَ فَلَهُ النِّصْفُ كَمَا مَرَّ. تَنْبِيهٌ لَوْ أَذِنَ لِاثْنَيْنِ فِي رَدِّ عَبْدَيْنِ بِدِينَارٍ، فَرَدَّ أَحَدُهُمَا الْعَبْدَيْنِ اسْتَحَقَّ نِصْفَ الدِّينَارِ أَوْ أَحَدَ الْعَبْدَيْنِ اسْتَحَقَّ رُبُعَهُ لِتَمَامِ الْعَمَلِ فِي الْمَرْدُودِ، وَبِذَلِكَ فَارَقَ مَا لَوْ جَاعَلَهُ عَلَى خِيَاطَةِ ثَوْبٍ فَخَاطَ نِصْفَهُ ثُمَّ تَرَكَهُ فَلَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا عَلَى مَا يَأْتِي، وَاعْلَمْ أَنَّ جَمِيعَ مَا تَقَدَّمَ فِيمَا إذَا عَلِمَ الْعَامِلُ أَوْ كُلٌّ مِنْ الْعَامِلَيْنِ بِالنِّدَاءِ وَلَيْسَ أَحَدُهُمَا وَكِيلًا عَنْ الْآخَرِ، وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لِمَنْ عَمِلَ بِغَيْرِ عِلْمٍ كَمَا مَرَّ. وَلَا لِمَنْ لَمْ تَصِحَّ وَكَالَتُهُ أَوْ صَحَّتْ، وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ الْمُوَكِّلُ عَلَى نَفْسِهِ شَيْئًا، وَإِلَّا فَلَهُ عَلَيْهِ مَا الْتَزَمَهُ لَهُ. فَرْعٌ اسْتَنْبَطَ الزَّرْكَشِيُّ مِنْ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى مِنْ هَاتَيْنِ فِيمَا إذَا شَرَطَ الْوَاقِفُ لِلْمَدَارِسِ أَوْ الطَّالِبُ فِي كُلِّ شَهْرٍ كَذَا وَلَمْ يَحْضُرْ فِي يَوْمٍ غَيْرِ مَعْهُودِ الْبَطَالَةِ، أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ بِقِسْطٍ مَا حَضَرَ إلَّا إنْ كَانَ فِي عَدَمِ حُضُورِهِ مُشْتَغِلًا بِالْعِلْمِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ نَفْعُهُ وَأَنَّهُ إذَا حَضَرَ لَا بِصَدَدِ الِاشْتِغَالِ بِالْعِلْمِ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا، وَأَنَّهُ إذَا أُكْرِهَ مُسْتَحَقَّ وَظِيفَةٍ عَلَى عَدَمِ مُبَاشَرَتِهَا اسْتَحَقَّ الْمَعْلُومَ. قَالَ ابْنُ حَجَرٍ وَكَذَا لَوْ غَابَ لِعُذْرٍ كَخَوْفِ طَرِيقٍ أَوْ لِعِلْمِهِ أَنَّ الْمُدَرِّسَ لَا يَحْضُرُ، وَكَذَا لَوْ غَابَ الْمُدَرِّسُ لِعِلْمِهِ أَنَّهُ لَا يَحْضُرُ أَحَدٌ مِنْ الطَّلَبَةِ، إذَا حَضَرَ وَيَجِبُ عَلَيْهِ إعْلَامُ النَّاظِرِ بِهِمْ إذَا عَلِمَ أَنَّهُ يَجْبُرُهُمْ عَلَى الْحُضُورِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ وَاسْتَنْبَطَ السُّبْكِيُّ مِنْ الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ مِنْهُمَا أَنَّ الِاسْتِنَابَةَ فِي الْوَظَائِفِ الَّتِي تَقْبَلُ النِّيَابَةَ جَائِزَةٌ، إذَا كَانَ النَّائِبُ مِثْلَ الْمُسْتَنِيبِ أَوْ أَعْلَى، وَيَسْتَحِقُّ الْمُسْتَنِيبُ جَمِيعَ الْمَعْلُومِ وَإِنْ جَعَلَ لِلنَّائِبِ شَيْئًا وَجَبَ دَفْعُهُ لَهُ وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا تَبَعًا لِشَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ خِلَافًا لِلزَّرْكَشِيِّ.
قَوْلُهُ: (وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا الْفَسْخُ) فَهُوَ عَقْدٌ جَائِزٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ، وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّهُ يَنْفَسِخُ بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا، وَجُنُونِهِ وَإِغْمَائِهِ وَإِذَا مَاتَ الْمَالِكُ فِي أَثْنَاءِ الْعَمَلِ فَرَدَّهُ الْعَامِلُ لِوَارِثِهِ اسْتَحَقَّ بِقِسْطِ مَا عَمِلَ فِي الْحَيَاةِ فَقَطْ. أَوْ مَاتَ الْعَامِلُ فِي أَثْنَائِهِ فَرَدَّهُ وَارِثُهُ لِلْمَالِكِ اسْتَحَقَّ الْوَارِثُ الْقِسْطَ إنْ كَانَ الْعَامِلُ مُعَيَّنًا، وَإِلَّا فَيَسْتَحِقُّ جَمِيعَ الْجُعْلِ.
ــ
[حاشية عميرة]
قَوْلُ الْمَتْنِ: (فَشَارَكَهُ إلَخْ) لَوْ كَانَ الْعَامِلُ مُعَيَّنًا ثُمَّ وَكَّلَ غَيْرَهُ، وَلَمْ يَفْعَلْ هُوَ شَيْئًا فَلَا جُعْلَ لِأَحَدٍ وَإِنْ كَانَ عَامًّا فَعَلِمَ بِهِ شَخْصٌ ثُمَّ وَكَّلَ اسْتَحَقَّ الْأَوَّلُ هَذَا مُحَصَّلُ بَحْثِ الشَّيْخَيْنِ خِلَافًا لِلْغَزَالِيِّ فِي الْأُولَى.
قَوْلُهُ: (فَلَهُ كُلُّ الْجُعْلِ) مِنْهُ اسْتَنْبَطَ السُّبْكِيُّ اسْتِحْقَاقَ الْمُسْتَنِيبِ فِي الْوَظَائِفِ لِكُلِّ الْجُعْلِ إذَا كَانَ النَّائِبُ مِثْلَهُ أَوْ خَيْرًا مِنْهُ خِلَافًا لِلنَّوَوِيِّ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ حَيْثُ قَالَا بِعَدَمِ اسْتِحْقَاقِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَنَصَرَهُمَا الزَّرْكَشِيُّ بِأَنَّ هَذَا لَيْسَ مِنْ بَابِ الْإِجَارَةِ وَلَا الْجِعَالَةِ لِأَنَّ شَرْطَهُمَا أَنْ يَقَعَ الْعَمَلُ لِلْمُسْتَأْجَرِ وَالْجَاعِلِ، فَلَمْ يَبْقَ إلَّا كَوْنُهُ إبَاحَةً بِشَرْطِ الْحُصُولِ. وَلَمْ يُوجَدْ قَالَ فَإِنْ اسْتَنَابَ بِإِذْنِ الْوَاقِفِ فَهُوَ كَمَا إذَا فَوَّضَ إلَيْهِ الْقَضَاءَ، وَالْوَكَالَةَ وَأَذِنَ لَهُ فِي الِاسْتِنَابَةِ أَيْ فَيَكُونُ عَنْ الْمُوَكِّلِ، وَحِينَئِذٍ فَلَا يَتَمَكَّنُ الْوَكِيلُ مِنْ عَزْلِ النَّائِبِ، وَلَا يَنْعَزِلُ بِانْعِزَالِهِ انْتَهَى. أَقُولُ إنَّ قَوْلَهُ إنَّ شَرْطَ الْجِعَالَةِ أَنْ يَقَعَ الْعَمَلُ لِلْجَاعِلِ غَفْلَةً عَنْ مَسْأَلَةِ مَنْ رَدَّ عَبْدَ زَيْدٍ، فَلَهُ كَذَا فَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ قَوِيمٌ وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ.