للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تَجْهِيزِهِ) بِالْمَعْرُوفِ (ثُمَّ تُقْضَى دُيُونُهُ ثُمَّ) تَنْفُذُ (وَصَايَاهُ مِنْ ثُلُثِ الْبَاقِي ثُمَّ يُقْسَمُ الْبَاقِي بَيْنَ الْوَرَثَةِ) عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ (قُلْت) كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ (فَإِنْ تَعَلَّقَ بِعَيْنِ التَّرِكَةِ حَقٌّ كَالزَّكَاةِ) أَيْ كَالْمَالِ الَّذِي وَجَبَتْ فِيهِ لِأَنَّهُ كَالْمَرْهُونِ بِهَا. (وَالْجَانَّيْ) لَتَعَلَّقَ أَرْشُ الْجِنَايَةِ بِرَقَبَتِهِ (وَالْمَرْهُونُ) لِتَعَلُّقِ دَيْنِ الْمُرْتَهِنِ بِهِ (وَالْمَبِيعُ إذَا مَاتَ الْمُشْتَرِي مُفْلِسًا) لِتَعَلُّقِ حَقِّ فَسْخِ الْبَائِعِ بِهِ (قُدِّمَ) ذَلِكَ الْحَقُّ (عَلَى مُؤْنَةِ تَجْهِيزِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) فَلَا يُبَاعُ وَاحِدٌ مِنْ الْمَذْكُورَاتِ الَّذِي هُوَ عَيْنُ التَّرِكَةِ فِي مُؤْنَةِ التَّجْهِيزِ، كَمَا ذُكِرَ فِي الرَّوْضَةِ، وَأَصْلِهَا فِي فَصْلِ الْكَفَنِ.

ــ

[حاشية قليوبي]

قَوْلُهُ: (فَغُلِّبَتْ) أَيْ السِّهَامُ الْمُقَدَّرَةُ أَوْ الْفَرَائِضُ وَهُوَ أَوْلَى وَأَنْسَبُ وَإِنَّمَا غُلِّبَتْ عَلَى الْأَصَحِّ لِشَرَفِهَا بِتَقْدِيمِهَا عَلَى التَّعْصِيبِ، لِأَنَّهُ قَدْ يَسْقُطُ بِهَا وَقِيلَ التَّعْصِيبُ أَشْرَفُ لِأَنَّ بِهِ قَدْ يُسْتَغْرَقُ الْمَالُ.

قَوْلُهُ: (وَعَلِّمُوهُ) أَيْ عِلْمَ الْفَرَائِضِ الْمَعْلُومَ مِنْ تَعَلَّمُوا، وَفِي رِوَايَةٍ وَعَلِّمُوهَا.

قَوْلُهُ: (فَإِنَّهُ نِصْفُ الْعِلْمِ) هُوَ عِلَّةٌ لِلْحَثِّ عَلَى تَعَلُّمِهِ وَتَعْلِيمِهِ، وَلِأَنَّهُ أَوَّلُ عِلْمٍ يُنْسَى وَأَوَّلُ عِلْمٍ يُفْقَدُ مِنْ الْأَرْضِ وَأَوَّلُ عِلْمٍ يُنْزَعُ مِنْهَا أَيْ بِمَوْتِ أَهْلِهِ وَهُوَ يَحْتَاجُ إلَى عُلُومٍ ثَلَاثَةٍ، بِمَعْنَى أَنَّهَا حَقِيقَتُهُ عِلْمُ الْفَتْوَى، بِمَعْنَى مَعْرِفَةِ مَا يَخُصُّ كُلَّ وَارِثٍ مِنْ التَّرِكَةِ وَعِلْمُ النَّسَبِ، بِمَعْنَى كَيْفِيَّةِ انْتِسَابِ الْوَارِثِ لِلْمَيِّتِ وَعِلْمُ الْحِسَابِ بِمَعْنَى الْعَدَدِ الَّتِي تَصِحُّ مِنْهُ الْمَسْأَلَةُ أَوْ أَصْلِهَا فَحَقِيقَتُهُ مُرَكَّبَةٌ مِنْ الْفِقْهِ وَالْحِسَابِ.

قَوْلُهُ: (لِتَعَلُّقِهِ بِالْمَوْتِ الْمُقَابِلِ لِلْحَيَاةِ) هُوَ عِلَّةٌ لِكَوْنِهِ نِصْفَ الْعِلْمِ أَيْ لِأَنَّ الْعِلْمَ يَتَعَلَّقُ بِالْإِنْسَانِ حَيًّا وَمَيِّتًا وَهُمَا حَالَتَانِ فَالْعِلْمُ الْمُتَعَلِّقُ بِأَحَدِهِمَا نِصْفٌ وَقِيلَ الْمُرَادُ بِالنِّصْفِ الصِّنْفُ وَهُوَ بَعِيدٌ عَنْ مَعْنَى الْحَدِيثِ، وَقَوْلُ شَيْخِنَا الْمُرَادُ بِالنِّصْفِ الشَّطْرُ لَا خُصُوصُ النِّصْفِ فِيهِ نَظَرٌ وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (تَرِكَةِ) هِيَ مَا تَخَلَّفَ عَنْ الْمَيِّتِ وَلَوْ بِسَبَبٍ أَوْ غَيْرِ مَالٍ كَاخْتِصَاصٍ وَلَوْ خَرَّ تَخَلَّلَتْ بَعْدَ مَوْتِهِ وَحَدِّ قَذْفٍ وَخِيَارٍ وَشُفْعَةٍ وَمَا وَقَعَ مِنْ صَيْدٍ بَعْدَ مَوْتِهِ فِي شَبَكَةٍ نَصَبَهَا قَبْلَهُ وَإِنْ انْتَقَلَ مِلْكُ الشَّبَكَةِ لِلْوَارِثِ وَدِيَةِ قَتْلٍ وَلَوْ بِعَفْوٍ عَنْ قِصَاصٍ مِنْ وَارِثِهِ. تَنْبِيهٌ لَوْ عَاشَ بَعْدَ مَوْتِهِ مُعْجِزَةً لِنَبِيٍّ أَوْ كَرَامَةً لِوَلِيٍّ لَمْ يَعُدْ مِلْكُهُ إلَيْهِ، وَسَيَأْتِي الْمَسْخُ فِي الطَّلَاقِ.

قَوْلُهُ: (بِمُؤْنَةِ تَجْهِيزِهِ) أَيْ إنْ لَمْ تَجِبْ عَلَى غَيْرِهِ كَزَوْجَةٍ وَمُؤْنَةِ تَجْهِيزِ مُمَوَّنِهِ إنْ مَاتَ فِي حَيَاتِهِ أَوْ مَعَهُ مِثْلَهُ. وَخَالَفَ شَيْخُنَا فِي الْمَعِيَّةِ وَإِذَا ضَاقَتْ التَّرِكَةُ عَنْ الْجَمِيعِ قُدِّمَ بِمَا فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ. قَوْلُهُ: (بِالْمَعْرُوفِ) أَيْ بِحَسَبِ يَسَارِهِ وَإِعْسَارِهِ وَلَا عِبْرَةَ بِمَا كَانَ فِي حَيَاتِهِ مِنْ إسْرَافٍ أَوْ تَقْتِيرٍ.

قَوْلُهُ: (تَنْفُذُ) قَدَّرَهُ لِعَدَمِ صِحَّةِ تَسْلِيطِ الْقَضَاءِ عَلَى الْوَصَايَا. وَنَظَرَ فِيهِ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ خَاصٌّ بِالْعَطْفِ بِالْوَاوِ، فَلَوْ ضَمَّنَ تَقْتَضِي مَعْنَى تُؤَدِّي لَكَانَ أَوْلَى مَعَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقَضَاءِ هُنَا الْأَدَاءُ فَرَاجِعْهُ وَالْمُرَادُ بِدَيْنِهِ الْمُطْلَقِ فِي الذِّمَّةِ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي، وَيُقَدَّمُ مِنْهُ دَيْنُ اللَّهِ كَزَكَاةٍ وَكَفَّارَةٍ. وَحَجٍّ عَلَى دَيْنِ الْآدَمِيِّ عَكْسَ مَا فِي الْحَيِّ لِبِنَاءِ حَقِّ الْآدَمِيِّ عَلَى الْمُشَاحَّةِ وَكَالْوَصَايَا عِتْقٌ عَلِقَ بِالْمَوْتِ وَتَبَرُّعٌ وَاسْتَرَقَّ فِي مَرَضِهِ.

قَوْلُهُ: (مِنْ ثُلُثٍ إلَخْ) هِيَ ابْتِدَائِيَّةٌ فَيَشْمَلُ مَا لَوْ اسْتَغْرَقَتْ الْوَصَايَا الثُّلُثَ كُلَّهُ. قَوْلُهُ: (ثُمَّ يُقْسَمُ) يُفِيدُ أَنَّ الْمُتَأَخِّرَ هُوَ الْقِسْمَةُ وَأَنَّ الْمِلْكَ سَابِقٌ عَلَى الْمُؤَنِ، وَتَقْدِيمُ الْوَصِيَّةِ فِي الْقُرْآنِ فِي اللَّفْظِ لِلِاهْتِمَامِ بِهَا. وَمَا اقْتَضَاهُ مِنْ مُسَاوَاتِهَا لِلدَّيْنِ غَيْرُ مُرَادٍ. تَنْبِيهٌ التَّرْتِيبُ فِي هَذَا وَمَا يَأْتِي إنَّمَا هُوَ بِاعْتِبَارِ الرُّتْبَةِ خُصُوصًا عِنْدَ ضِيقِ التَّرِكَةِ لَا فِي الْأَدَاءِ وَالتَّصَرُّفِ.

قَوْلُهُ: (فَإِنْ تَعَلَّقَ إلَخْ) أَيْ لَا بِحَجْرِ فَلْسٍ فَتُقَدَّمُ مُؤْنَةُ التَّجْهِيزِ عَلَى دُيُونِ الْغُرَمَاءِ.

قَوْلُهُ: (كَالْمَالِ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّ الزَّكَاةَ هِيَ الْحَقُّ، وَأَنَّ الْمَالَ هُوَ عَيْنُ التَّرِكَةِ، وَإِنَّمَا قُدِّرَ ذَلِكَ لِيُنَاسِبَ مَا بَعْدَهُ وَلَوْ بَقِيَ بَعْضُ الْمَالِ تَعَلَّقَتْ بِقَدْرِ مَا يَخُصُّهُ مِنْهَا، فَلَوْ مَاتَ عَنْ شَاةٍ مِنْ أَرْبَعِينَ، فَالتَّقْدِيمُ رُبُع عُشْرِهَا وَتُقَدَّمُ الزَّكَاةُ إذَا اجْتَمَعَتْ مَعَ الرَّهْنِ أَوْ الْجِنَايَةِ كَمَا فِي عَبْدِ التِّجَارَةِ، إذَا كَانَ مَرْهُونًا أَوْ جَانِيًا.

قَوْلُهُ: (كَالْمَرْهُونِ) فَلَيْسَ مَرْهُونًا حَقِيقَةً لِأَنَّ تَعَلُّقَ الزَّكَاةِ بِالْمَالِ تَعَلُّقُ شَرِكَةٍ عَلَى الصَّحِيحِ وَلَيْسَ كَالشَّرِكَةِ حَقِيقَةً لِجَوَازِ الْإِعْطَاءِ مِنْ غَيْرِ التَّرِكَةِ فَفِي إدْخَالِ الزَّكَاةِ فِي التَّرِكَةِ تَجَوُّزٌ، أَوْ تَغْلِيبٌ وَشَمِلَتْ الزَّكَاةَ مَا لَوْ كَانَتْ مِنْ غَيْرِ الْجِنْسِ كَشَاةٍ عَنْ خَمْسٍ مِنْ الْإِبِلِ، فَيَتَعَلَّقُ بِعَيْنِ الْإِبِلِ قَدْرُ قِيمَةِ الشَّاةِ.

قَوْلُهُ: (وَالْمَرْهُونُ) أَيْ لَا بِمَوْتِهِ بِأَنْ رَهَنَهُ فِي حَالِ حَيَاتِهِ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ فِيهِ قَبْضٌ. قَوْلُهُ: (مُفْلِسًا) أَيْ عَاجِزًا عَنْ ثَمَنِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَحْجُورًا عَلَيْهِ.

قَوْلُهُ: (لِتَعَلُّقِ حَقِّ فَسْخِ الْبَائِعِ بِهِ) يُفِيدُ أَنَّ ذَلِكَ فِيمَا إذَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقٌّ كَرَهْنٍ وَكِتَابَةٍ وَلَوْ زَالَ التَّعَلُّقُ الْمَذْكُورُ بَعْدَ الْمَوْتِ قَالَ شَيْخُنَا فَلَهُ الْفَسْخُ حِينَئِذٍ وَيُقَدَّمُ بِهِ فَرَاجِعْهُ

ــ

[حاشية عميرة]

قَوْلُ الْمَتْنِ: (تُقْضَى دُيُونُهُ) أَيْ لِأَنَّهُ أَحَقُّ بِمَالِهِ مِنْ وَرَثَتِهِ، وَالْمُرَادُ غَيْرُ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْعَيْنِ لِمَا سَيَأْتِي وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ دُيُونُ اللَّهِ تَعَالَى وَدُيُونُ الْآدَمِيِّ أَعْنِي دُيُونَ اللَّهِ تَعَالَى الَّتِي لَمْ تَتَعَلَّقْ بِالْعَيْنِ كَالْحَجِّ وَنَحْوِهِ.

قَوْلُ الْمَتْنِ: (مُفْلِسًا) أَيْ سَوَاءً حُجِرَ عَلَيْهِ أَمْ لَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>