للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الثاني: قوله: (سَتَجِدُنِي إنْ شَاءَ اللهُ مِنَ الصَّابِرِينَ) ، وليس في مقدمة الذبح ما يحتاج إلى الصبر.

الثالث: أنه قال: (إنَّ هَذَا لَهُوَ البَلاَءُ الْمُبِينُ) (١) ، ولا يجوز أن يفخم هذه التفخيم، والمأمور به مقدمة الذبح.

الرابع: قوله: (وفَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ) (٢) ، ولا يكون [١١٧/ب] الفداء مع الامتثال للأمر.

وأما قوله: (قَدْ صَدَّقْتَ الرؤيَا) فقد قيل معناه: التصديق بالقلب؛ لأن حقيقة التصديق بالقلب فكأنه قال: لما صدقت وآمنت واعتقدت وجوبه وعزمت على فعله جزيناك كما نجزي المحسنين، فنسخنا عنك فعل الذبح بذبح كبش.

وقيل فيه جواب آخر: أن النسخ إذا ورد قبل وقت الفعل، تبيَّنا أن المراد به إيجاب مقدمات الفعل، وكل النسخ هكذا؛ لأن النسخ تخصيص الزمان، وبيان لما لم يرد باللفظ، كالتخصيص في الأعيان، ولا نقول: إن الله تعالى نسخ ما أمر به وأوجب علينا فعله؛ لأن ذلك يؤدي إلى البداء على الله تعالى.

وقيل فيه جواب آخر وهو: أنه يحتمل أن يكون الأمر بالذبح أراد به ما لم أنسخه عنك، ومعناه: افعل في وقت كذا، ما لم أنسخه عنك، فإذا نسخه قبل وقته تبيَّنا أن الذبح لم يكن مأموراً به، وإنما أمره أن يعتقد وجوبه، ويعزم على فعله بهذا الشرط.

والجواب الصحيح عندي هو الأول؛ لأن الثاني والثالث تسليم لما قاله


(١) (١٠٦) سورة الصافات.
(٢) (١٠٧) سورة الصافات.

<<  <  ج: ص:  >  >>