للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قيل: في الإية تحذير من المخالفة بقوله: (لعَلّهمْ يحْذرُونَ) والتحذير لا يكون إلا في الأمر الواجب. وعلى أن الظاهر يقتضي وجوب الرجوع إلى قول المنذر حيث أمر هو بالإنذار، وإلا بطل فائدة الأمر بذلك، وإنما لم يلزم الرجوع إلى ما ذكروه من الأخبار عن معرفة الله سبحانه وما أشبه ذلك، لقيام (١) دليل عليه، وهو: أنه يجب العلم بتلك الأشياء ومعرفتها قطعاً.

فإن قيل: المراد بالآية: أنهم يرجعون إلى قومهم فيفتونهم ويؤخذ بقولهم في الفتيا.

قيل: الآية عامة في الأمرين معاً. وعلى أن الإنذار في الظاهر إنما يعتبر به عن الإخبار عن الشيء دون الفتيا.

فإن قيل: الحذر هو: أن ينظر ويعمل بما دل عليه الدليل.

قيل: الطائفة إذا قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: من لم يفعل كذا أحرق [١٢٨/ب] بالنار، أو من فعل كذا أحرق بالنار، كان الحذر منه بالقبول والعمل بما أخبره، ومن لم يقبله ولم يعمل بذلك، لم يكن حاذراً ما أنذر به.

ويدل عليه قوله تعالى: (إنْ جَاءَكُم فَاسِقٌ بِنبأِ فَتبينوا أَن تُصِيبُوا قَوماً بِجَهالةِ) (٢) فدل على أن العدل إذا جاء بنبأ، لا نتبين ولا نتثبت فيه، من طريق دليل الخطاب، فلو كانا سواءً لم يكن لتخصيصه بالفاسق بالتثبت معنى.

ويدل عليه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يبعث لتبليغ شرعه وأحكامه إلى النواحي والقبائل والبلاد آحاداً، فبعث أبا بكر أميراً على الحاج، وبعث


(١) في الأصل: (لقوام) .
(٢) (٦) سورة الحجرات.

<<  <  ج: ص:  >  >>