ولأن خبر الواحد مما قد دل دليل قاطع على ثبوته والعمل به، [١٣١/ب] يجري مجرى الآية المقطوع على وجوب الرجوع إليها.
ولأن خبر الواحد أصل القياس، فإنه منه يستنبط ويتفرع، فإذا جاز إثبات هذه الأحكام بالقياس مع ضعفه، كان جواز ذلك بخبر الواحد أولى.
ولأنه خبر عدل فيما يتعلق بالشرع، مما لا طريق فيه للعلم، ولا يعارضه مثله، فوجب العمل به قياساً على ما لا يعم فرضه.
واحتج المخالف:
بأن ما يعم فرضه سائر المكلفين، لا بدّ من توقيف من النبي [صلى الله عليه وسلم] للكافة على حكمه؛ لأنه غير جائز ترك تعريف ما لا يعرف إلا من جهته، ومتى وقف الكافة عليه، فإن نقله يكون عاماً مستفيضاً، فإذا رواه الآحاد علمنا أنه غير صحيح في الأصل أو منسوخ.
والجواب عنه من وجهين:
أحدهما: أن ما يعم فرضه، ليس من شرطه توقيف من النبي [صلى الله عليه وسلم] لهم، بل يجوز أن يتعبد في ذلك بالظن، ورجوع العامة إلى اجتهاد أهل العلم [فيـ] لقى حكمه إلقاء خاصاً، فلا يظهره، ويكون من بلغه خبره يلزمه حكمه، ومن لم يبلغه خبره مأموراً بالاجتهاد، وطلب ذلك الحكم من جهة الخبر.
وجواب آخر، وهو: أنا لو سلمنا ذلك، فإن النقل لا يجب أن يكون على حسب البيان؛ فإن الصحابة كانت دواعيهم مختلفة، وكان بعضهم لا يرى الرواية، وكان يؤثر الاشتغال بالجهاد على الرواية.