للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قالوه، لما أنكروا عليه أنه رأى في المنام هذا، ولأن (١) كل أحد يرى في منامه أعظم من هذا، فلما أنكروا عليه، ثبت: أنه إنما قال لهم ذلك في اليقظة.

وأيضاً: فإن الواحد يجوز أن يكذب لغرض له أو شهوة، أو يخطىء.

فيخبر به، وهذا التجوز يمنع وقوع العلم بصدقه؛ لأنه لا يجتمع التجويز لكذبه [لغرض] ، أو شهوة، والقطع على صدقه.

واحتج المخالف:

بقوله تعالى: (وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بهِ عِلْمٌ) (٢) ، دل على أنه لا يقفو ما ليس بعلم، فلما ثبت أنه يقفو خبر الواحد، ثبت أنه متعلق بما هو علم.

وهكذا قال: (إلا منْ شَهِدَ بالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) (٣) ومعلوم أن الله تعالى تعبدنا بنقل خبر الواحد، وتعبدنا بالعمل به إذا ورد، فلما لزم نقله، ولزم العمل به، ثبت: أنه أوجب العلم.

والجواب عن الآية أن التعلق بها من دليل الخطاب، وهذا لا يوجب العلم، على أنا نحملها على العلم الظاهر، أو على مسائل الأصول بدليل ما ذكرنا.

وأما قولهم: لما أوجب على السامع نقله، وعلى المنقول إليه العمل به، ثبت أنه يوجب العلم، فهو باطل بالشهادة، فإنها على هذا الوصف، ومع هذا فلا توجب العلم.

واحتج: بأن الشريعة محفوظة بقوله تعالى: (إنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا


(١) في الأصل: (وأن) .
(٢) (٣٦) سورة الإسراء.
(٣) (٨٦) سورة الزخرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>