للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لأنا لو لم نقبل إلا من محّض الطاعة، لم يقبل أحد؛ لأن أحداً لا يمحض الطاعات، حتى لا يشق بها المعصية. يدل عليه قوله تعالى: (وعَصَى آدَمُ رَبهُ فَغَوَى) (١) ، وأراد بالغي: وضع الشيء في غير موضعه. قال تعالى -في قصة داود-: (أنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفر رَبهُ وَخَر رَاكِعاً وَأَنَابَ) (٢) ، فأخطأ، وتاب الله عليه.

وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (ما من أحد إلا عصى أو هَم بمعصيه إلا يحيى بن زكريا) (٣) ، فثبت: أن الأنبياء لم يسلموا من الخطأ والمعاصي، ولو قبلنا كل عاص، لم نرد أحداً، وقد أمرنا برد الفاسق، وإنفاذ العدل، فلم يكن بد من تفصيل بينهما، فكان الفصل بينهما ما ذكرنا.

فأما من ثبت كذبه، فإنه يرد خبره وشهادته، وإن لم يتكرر ذلك منه.


(١) (١٢١) سورة طه.
(٢) (٢٤) سورة ص.
(٣) هذا الحديث رواه ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعاً. أخرجه عنه الإمام أحمد في "مسنده" (٤/٢٢٩٢) بتحقيق الشيخ أحمد شاكر رحمه الله، وتمام الحديث عنده: ( ... وما ينبغي لأحد أن يقول: أنا خير من يونس بن متى، عليه السلام) .
وقد ذكره ابن كثير في "تفسيره" في تفسير سورة "مريم" (٣/١١٤) ثم قال: ( ... وهذا أيضاً ضعيف، لأن "علي بن زيد بن جدعان" له منكرات كثيرة) .
وذكر الهيثمي في كتابه "مجمع الزوائد" (٨/٢٠٩) ، واقتصر على لفظ المؤلف، مع اختلاف بسيط، ثم قال: ( ... رواه أحمد وأبو يعلى والبزار، وزاد: "فإنه لم يهم بها، ولم يعملها" والطبراني وفيه "علي بن زيد"، وضعفه الجمهور، وقد وثق، وبقية رجال أحمد رجال الصحيح".
وقد خالف الشيخ أحمد شاكر -رحمه الله- الجمهور - فوثق "علي بن زيد" في تعليقه على "المسند" (٤/٢٢٩٢) .
وانظر "الدر المنثور" (٤/٢٦٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>