ولأن الواحد إذا انفرد بالزيادة غلب على الظن صدقه، فإنه لا ينقل إلا ما سمعه وعرفه، والجماعة إذا لم ينقلوا جاز أن يحمل ذلك على سهو ونسيان، وذلك يجوز عليهم، ولا يجوز على الواحد الثقة نقل ما لم يسمعه، فوجب أن يقبل قوله فيما تفرد به.
واحتج المخالف:
بأنه إذا نقله الكل وانفرد واحد بالزيادة، كان ما تفرد به سهواً، لأنهم ما حفظوه حين قاله النبي [صلى الله عليه وسلم] مراراً سمعوه كلهم فلو كان ما تفرد به صحيحاً لقال الزيادة، كما قال المزيد عليه، ولو قال سمعوه كما سمع ونقلوه كما نقل.
والجواب عنه: ما تقدم، وهو أنه يجوز أن يكون نسواً وسهواً، وذكر هو، وسمعوا بعض الحديث، وسمع هو جميعه.
ويحتمل أن يكون أحدهم أقرب إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، والآخر أبعد، فسمع لقربه ما خفي على الأبعد.
ولأنه يبطل بالشهادة على الإقرار، إذا انفرد بعضهم بالزيادة.
واحتج: بأن الأصل متحقق والزيادة مشكوك فيها؛ فلا تترك الحقيقة بالمشكوك فيه.
والجواب: أنا لا [١٥٣/أ] نسلم أنها مشكوك فيها؛ لأن غالب الظن فيه الصدق فيما تفرد به للاحتمال الذي ذكرنا.
ولأنه يبطل بالشهادة، ويبطل به إذا انفرد بخبر، عمل عليه [و] لا يقال: كيف نقل هذا؟ وحفاظ الصحابة وعلماؤهم ما نقوله.
واحتج: بأنه إذا خالف الكل هنا انفرد، فقد خالف أهل الصنعة، فكان ما نقله كل مردوداً، كخبر الواحد إذا خالف الإجماع يرد، لأنه خالف أهل الصنعه.