للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وعلى أن هذا ليس بدليل الخطاب (١٥٩/ب) ، وإنما هو احتجاج بتقسيم عقلي؛ لأنه ليس بين اتباع غير سبيلهم (١) وبين اتباع سبيلهم قسم ثالث، وإذا حرّم الله تعالى اتباع غير سبيل المؤمنين وجب اتباع سبيلهم.

فإن قيل: (سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ) في الأقوال مجاز، وإنما السبيل هو: الطريق.

قيل: الأصل في الاستعمال الحقيقة، وقد استعمل فيهما، فوجب أن يكون حقيقة فيهما (٢) .

وعلى أنه لو كان مجازاً، لكان إذا كثر الاستعمال فيه، جرى مجرى الحقيقة.


(١) في الأصل: (سبيل) .
(٢) ظاهر كلام ابن فارس في كتابه: معجم مقاييس اللغة (٣/١٢٩-١٣٠) أن السبيل حقيقة في الحسيات حيث يقول: (سبل: السين والباء واللام أصل واحد، يدل على إرسال شيء من علو إلى سفل، وعلى امتداد شيء، فالأول من قيلك: أسبلت الستر.. والممتد طولاً: السبيل، وهو الطريق، سمي بذلك لامتداده..) .
وبمراجعة كتاب تهذيب اللغة للأزهري (١٢/٤٣٦) ولسان العرب (٣/٣٤٠) والقاموس المحيط (٣/٣٩٢) مادة "سبل" وجد أنهم يعبرون عن "السبيل" بالطريق، ولكن عند التمثيل يطلقون "السبيل" على الطريق حسية أو معنوية، بدون إشارة إلى الحقيقى والمجازي في ذلك.
وفي ذلك يقول الرازي في كتابه المحصول (٤/٥٤) : (سلمنا: حظر اتباع غير سبيلهم مطلقاً، لكن لفظ "السبيل" حقيقة في الطريق الذي يحصل فيه المشى، وهو غير مراد -ها هنا- بالاتفاق، فصار الظاهر متروكاً، فلا بُدّ من صرفه إلى المجاز، وليس البعض أولى من البعض، فتبقى الآية مجملة) .
وفي ص (٧٧) يقول: (قوله السبيل: هو الطريق الذي يحصل المشي فيه، قلنا: لا نسلم؛ لقوله تعالى: (قل هذه سبيلى) وقوله (ادع إلى سبيل ربك)
سلمناه، لكنا نعلم بالضرورة أن ذلك غير مراد -ها هنا- ولا نزاع في أن أهل اللغة يطلقون لفظ: "السبيل" على ما يختاره الإنسان لنفسه في القول والعمل. وإذا كان ذلك مجازاً ظاهراً، وجب حمل اللفظ عليه، لأن الأصل عدم المجاز الآخر) . =

<<  <  ج: ص:  >  >>