للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والجواب: أن هذا خطاب لبعض الأمة، وقوله: (لا تجتمع أمتي على ضلالة) خاص في حال الإِجماع، والخاص يجب أن يُقْضَى به على العام.

واحتج: بأن كل واحد من الأمة يجوز عليه الخطأ بانفراده، فإذا اجتمع مع غيره كان بمنزلة المنفرد؛ لأنه مجتهد برأيه المعرض للخطأ.

والجواب أن عصمة الأمة في حال الاجتماع أثبتناه بالشرع دون العقل، ولا يمتنع أن يعلم الله تعالى: أنهم لا يختارون الخطأ في حالة الاجتماع، ولا يقع ذلك منهم، فإذا أخبر بذلك وجب المصير إليه والعمل به.

وجواب آخر، وهو: أن هذا باطل بأخبار التواتر، فإنها توجب العلم عند كثرة المجتهدين، وإن كان كل واحد منهم لو انفرد لم يوجب خبره العلم، وهكذا


= وأخرجه البزار عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال الهيثمى في مجمع الزوائد في الموضع السابق - بعد أن ذكره: (ورجاله ثقات) .
وذكر الهيثمي: أن الطبراني رواه عن ابن مسعود - رضي الله عنه - بلفظ: (أنتم أشبه الأم ببني إسرائيل، لتركبن طريقهم حَذوَ القُذة بالقذة، حتى لا يكون فيهم شيء إلا كان فيكم مثله، حتى إن القوم لتمر عليهم المرأة، فيقوم إليها بعضهم، فيجامعها، ثم يرجع إلى أصحابه يضحك لهم ويضحكون له) ثم قالَ الهيثمي: (وفيه من لم أعرفه) .
قلت: ومعنى الحديث صحيح، فقد أخرج مسلم في صحيحه عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - مرفوعاً في كتاب العلم، باب: اتباع سنن اليهود والنصارى (٤/٢٠٥٤) ولفظه: (لتتبعن سنن الذين من قبلكم شبراً بشبر، وذراعاً بذراع، حتى لو دخلوا جُحر ضَب لاتبعتوهم قلنا: يا رسول الله: أليهود والنصارى؟ قال: فمن؟)
راجع في هذا الحديث أيضاً: كتاب السنة لأبي بكر عمرو بن أبي العاص الشيباني (١/٣٦) وفيض القدير (٥/٢٦١) وصحيح الجامع الصغير للألباني (٥/١٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>