للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الجماعة تحمل الحجر العظيم، وإن كان الواحد لو انفرد به لم يطق حمله. وكذلك الطعام إذا كثر أشبع، والماء إذا كثر روى، وإن كان اليسير منهما لا يشبع ولا يروي.

واحتج: بأن الآية لا تحصر، ولا يمكن سماع أقاويلهم، وما لا سبيل إلى معرفته، فلا يجوز أن يجعله صاحب الشريعة دليلاً على شريعته.

والجواب: أن الإِجماع ينعقد عندنا باتفاق العلماء، وإذا اتفقوا جملة كانت العامة تابعة لهم.

ويمكن معرفة اتفاق أهل العلم؛ لأن من اشتغل بالعلم حتى صار من أهل الاجتهاد فيه، لم يخف أمره على أهل بلده وجيرانه، ولم يخف حضوره وغيبته، ويمكن الإِمام أن يبعث إلى البلاد، ويتعرف أقاويل الممتنع.

فإن قيل: يجوز أن يكون قد أسر في الغزو رجل من أهل العلم، وهو في مطمورة (١) المشركين.

قيل: لا يخفى ذلك، وإذا جرى ذلك لم ينعقد الاجماع إلا بالوقوف على مذهبه.

وأجاب بعضهم عن هذا: بأنا نسمع أقاويل الحاضرين [١٦٢/أ] ، والخبر عن الغائبين.


(١) المطمورة: حفرة تحفر تحت الأرض. قال ابن دريد: بنى فلان مطمورة إذا بنى بيتاً في الأرض.
والمعنى: أن العالم يجوز أن يكون مأسوراً في مكان خفي، لا يمكن الوصول إليه ليؤخذ رأيه في القضية المطروحة.
انظر: المصباح المنير مادة (طمر) .

<<  <  ج: ص:  >  >>