للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والجواب: أن الاجتهاد يجوز في طلب الحق من القولين دون ما عداهما، لأن بطلان ما عداهما ثابت بالإجماع، ولا يسوغ الاجتهاد في المجمع عليه، وهذا بمنزلة ما لو ثبت بطلان ما عداهما بالنص، فيسوغ الاجتهاد في القولين دون

غيرهما.

واحتج: بأن الصحابة إذا أثبتوا حكماً من طريقين، جاز إثباته من طريق ثالث، كذلك ها هنا.

والجواب: أن الطريق مخالف للحكم، ألا ترى أنهم إذا أجمعوا على شىء من نص القرآن، جاز إثباته من طريق السنة والإجماع، وإذا أجمعوا على حكم واحد، من يجز إحداث قول ثانٍ؛ لأن في الخروج عن القولين مخالفة للإِجماع وليس في إثبات ما أجمعوا عليه من غير طريقهم مخالفة الإجماع؛ لأن إثبات الحكم من طريق لا يتضمن نفي غيره، والإجماع على حكم يتضمن نفي غيره ولهذا إذا أجمعوا على قول واحد، لم يجز إحداث قول ثانٍ.

واحتج: [١٦٧/أ] بأن التابعين قد خالفوا في هذا، وأحدثوا قولاً ثالثاً فيما كانت الصحابة فيه على قولين، فأقروا التابعين على ذلك، ولم ينكروه (١) .

من ذلك: أن الصحابة اختلفوا في امرأة وأبوين، وزوج وأبوين، على قولين: ابن عباس -وحده- يقول: للأم الثلث [من] ، أصل المال.

والباقون قالوا: للأم ثلث ما بقي بعد نصيب الزوج والزوجة (٢) .

ففرق ابن سيرين بينهما، وقال بقول ابن عباس في امرأة وأبوين، وبقول الباقين في زوج وأبوين، فلم ينكر عليه منكر.


(١) في الأصل: (ولم ينكره) .
(٢) هذا الأثر أخرجه البيهقى في سننه في كتاب الفرائض، باب ميراث الأم (٦/٢٢٧-٢٢٨) بعدة طرق فارجع إليه إن شئت.

<<  <  ج: ص:  >  >>