للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولا يجوز أن يكون خلقها لينتفع هو؛ لأنه تعالى غني أن تلحقه المنافع والمضار.

ولا جائز أن يكون خلقها ليضر بها؛ لأن ذلك قبيح، إذ لم يكن في حال خلقه إياها من يستحق العقوبة، فلم يبق إلا أنه خلقها لينتفع عباده.

والجواب: أن هذا ينقلب عليهم فيما خلقه الله تعالى وحرمه على عباده، مثل الخمر والخنزير. ونُقسِّم ذلك عليهم مثل تقسيمهم حرفاً بحرف.

وعلى أنا نقول: يجوز أن يكون خلقها ليمتحن عباده بالكف عنها، ويثيبهم على ذلك، وليستدلوا بها على خالقها.

وهذا وجه يخرجه من حد العبث والضرر بهم، فسقط ما قالوه.

واحتج: بأنه لا يقبح في العقل (١) أن ينتفع بملك الغير على وجه لا يستضر الغير به، بدليل التنفس في الهواء والانتقال في الجهات، بدليل أن له أن يمشيَ في ظل (٢) حائطه ويتكىء على حائطه، ويمشى معه في طريقه يأنس بكونه في صحبته، وينظر في مرآة المزين (٣) إذا علقها على وجه لا يتنفس فيها، أو كان على حائطه قرآن مكتوب، كمن كتب على حائطه آية الكرسي كان لكل أحد أن يتلقَّن ذلك منه، كذلك في بقية الأشياء؛ لأن الله تعالى [منزه] عن أن يستضَّر بشىء.

والجواب: أنه إن لم يكن على المالك ضرر فعلى المتصرف ضرر؛ لأنه يجوز أن يُحظَر عليه، فيجب أن يؤثر ذلك في المنع، كارتكاب المعاصى، لا ضرر على الله تعالى بفعلها، ومع هذا فإنه يمنع العبد منها لما عليه فيها من الضرر في الآخرة.


(١) في الأصل: (الفعل) .
(٢) في الأصل: (كل) .
(٣) هو الحجام، كما في لسان العرب (١٧/٦٣) مادة (زين) ويطلقه العامة على الحلاق.

<<  <  ج: ص:  >  >>