للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على أنك قد صرت إلى القياس حيث حملت قياس غير إبليس على قياس إبليسِ في باب الفساد.

وعلى أن خطأ القائسين إذا كان مبطلاً للقياس في الأصل عندك، فهلاَّ كان خطأ بعض المقلدين دليلاً على بطلان التقليد؟!؛ لأن الله تعالى قد حكى تقليد الكفار إياهم بقوله تعالى: (قَالوا إنَّا وَجَدْنَا ءابَاءَنَا عَلَى أمَّةٍ وَإنَّا عَلَى ءاثارِهِم مُّهْتَدُونَ) (١) .

فإن قيل: أليس قد منع أحمد - رضي الله عنه - من النظر والكلام.

فقال في رواية عبدوس بن مالك العطار: "لا يكون صاحب الكلام -وإن أصاب بكلامه السنة- من أهل السنة حتى يدع الجدال" (٢) .

قيل: إنما نهى عن الجدال الذي هو المراء، ألا ترى أن أبا بكر المروذي سأله عن الرجل يشتغل بالصوم والصلاة ويعتزل، ويسكت عن الكلام في أهل البدع، فقال: "إذا صام وصلى واعتزل إنما هو لنفسه، وإذا تكلم كان له ولغيره، يتكلم أفضل".

وروى حنبل أنه قال لأحمد -رحمه الله-: "إن يعقوب بن شًيْبهَ (٣)


(١) آية (٢٢) من سورة الزخرف.
(٢) هذه الرواية ذكرها ابن أبي يعلى في طبقاته في ترجمة عبدوس (١/٢٤٢) ، وفي آخرها: (حتى يدع الجدال، ويُسَلِّم، ويؤمن بالآثار) .
(٣) هو: يعقوب بن شَيْبة بن الصلت بن عصفور، أبو يوسف السدوسي البصري.
سمع علي بن عاصم ويزيد بن هارون وغيرِهما، ومنه حفيده محمد بن أحمد بن يعقوب ويوسف بن يعقوب وغيرهما. وثقه الخطيب. كان من أصحاب الإمام أحمد الذين نقلوا عنه بعض المسائل. توفي سنة (٢٦٢) هـ.
له ترجمة في: تذكرة الحفاظ (٢/٥٧٧) وطبقات الحفاظ ص (٢٥٤) وطبقات الحنابلة (١/٤١٦) والعبر (٢/٢٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>