للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد كشف عن هذا في رواية أبي الحارث [١٩٤/ب] فقال: "ما تصنع بالرأي والقياس وفي الحديث ما يغنيك عنه".

وبهذا قال أكثر الفقهاء والمتكلمين (١) .

وذهب قوم من المعتزلة البغداديين (٢) : إلى أنه لا يجوز التعبد به من جهة


= وفي رأيي: أن اعتراض أبي الخطاب غير وجيه؛ لأن هناك روايات عن الإِمام أحمد كثيرة أشار بإعمال القياس، أو أعمله بنفسه فتتعارض مع الرواية هنا. ومع هذا التعارض نحمل نهيه عن استعمال القياس على القياس المخالف للنصوص الشرعية، ونحمل إرشاده إلى القياس أو استعماله بنفسه على عدم وجود نص في الحادثة.
يدل على ذلك رواية أبي الحارث التي ذكرها المؤلف دليلاً على ما ذهب إليه.
وجمع ابن رجب بين الروايتين، فحمل الرواية التي تمنع من القياس على من لم يبحث عن الدليل، أو لم يُحصِّل شروطه.
انظر: شرح الكوكب ص (٤/٢١٦) .
وينبغي أن يشار هنا إلى أن الإِمام أحمد لا يستعمل القياس إلا عند الضرورة. يؤيد ذلك رواية الميموني التي نقلها المجد في المسوَّدة ص (٣٦٧) ونصها: (سألت الشافعي عن القياس، فقال: عند الضرورة، فأعجبه. [يعني: الإِمام أحمد] ذلك) .
والضرورة المقصودة هنا -والله أعلم-: أن الحادثة إذا وقعت، ولم يوجد نص بحكمها، فإنه من الضروري أن يعطى لها حكم بالقياس على أشباهها؛ لامتناع خلو الحادثة عن حكم الله تعالى.
أما إذا لم تقع الحادثة، وإنما هي من باب التخيل والتقدير، فلا يرى الإمام أحمد استعمال القياس؛ لأنه لاضرورة.
(١) انظر: أصول الجصاص ص (٦٣) والتبصرة ص (٤١٩) والبرهان (٢/٧٥٠) والوصول إلى الأصول لابن برهان (٢/٢٤٣) وإحكام الفصول في أحكام الأصول للباجي ص (٥٣١) .
(٢) انظر: المعتمد (٢/٧٢٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>