للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والجواب: أن المراد به الظن الذي هو تخمين وحَدْس، لم يقع عن طريق صحيح. فأما الظن (١) الواقع عن أمارة وطريق صحيح، فهو جار مجرى العلم في وجوب العمل به، كما يقول المخالف في الحكم بقول الشاهدين، وبقول المقومين، وقبول قول زوجته في حيضها وطهرها [٢٠٠/أ] ، وقبول قول القَصاب في ذبيحته، والتوجه إلى القبلة باجتهاده.

واحتج بقوله تعالي: (وَمَا اخْتَلَفتُمْ فِيهِ من شَىْءٍ فَحُكْمُهُ إلَى اللهِ) (٢) .

وقال تعالى: (فَإن تَنَازَعْتُمْ في شَىْء فردُّوهُ إلَى اللهِ وَالرسُولِ) (٣) .

والجواب: أنه لم يرد به إلى ذات الله وذات رسوله، وإنما المراد إلى حكم كتاب الله وسنة رسوله، والرد إلى القياس رد إلى كتاب الله وسنة رسوله، فإنه عليهما يحمل، ومنهما (٤) تستنبط المعاني ويقاس عليها.

واحتج بما روىٍ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (ستفترقُ أمتي على بِضْع وسبعين فِرْقة، أعظمُها فتنة على أمتي قوم يقيسون الأمور برأيهم، فيُحرِّمون الحلالَ ويُحللون الحرامَ) (٥) .


(١) في الأصل: (وأما الطريق) .
(٢) آية (١٠) من سورة الشورى.
ووجه الاستدلال من الآية: أن المختلف فيه حكمه إلى الله، وليس إلى القياس.
(٣) آية (٥٩) من سورة النساء.
ووجه الاستدلال: أن المتنازع فيه يجب رده إلى الله والرسول، والقول بالقياس رد إلى غير الله والرسول.
(٤) في الأصل: (منها) .
(٥) هذا الحديث رواه عوف بن مالك -رضي الله- مرفوعاً. أخرجه عنه الطبراني في الكبير والبزار (١٠/٧٩) .
قال الهيثمى في مجمع الزوائد: (ورجاله رجال الصحيح) (١/١٧٩) .
وأخرجه ابن عبد البَر بسنده في كتابه: جامع بيان العلم وفضله (٢/١٦٣) . =

<<  <  ج: ص:  >  >>