للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يوجب ذلك أن يعتق كل عبد له أسود.

والجواب: أن العلة إذا ثبتت وجب الحكم بها في كل موضع وجدت؛ لأنها أمارة على الحكم، وإذا وجدت الأمارة والدلالة وجب الحكم بها.

وأما قول الرجل: أعتقت عبدي؛ لأنه أسود، فإنه لا يعتق سائر عبيده السودان؛ لأن المناقضة جائزة عليه، وليس كذلك صاحب الشريعة، فإنه لا يجوز التناقض في قوله، فوجب طرد تعليله.

واحتج: بأن القصد بالقياس طلب الحكم فيما لا نص فيه ولا توقيف، فليس عندنا حكم إلا وقد تناوله نص وتوقيف، فلم يكن للقياس معنى.

والجواب: أنا نعلم أحكاماً كثيرة لا نص فيها، من ذلك:

جواز قتل الزنبور في الحِّل والحرم، وليس فيه نص، وإنما قيس على العقرب.

وإذا تعمد ترك الصلاة يجب قضاؤها، وليس في ذلك نص، وإنما قيس على من نسيَها أو نام عنها (١) .


(١) وجوب القضاء هنا إما بالأمر الأول وإما بأمر جديد.
وقد اختار المؤلف (١/٢٩٣) أن القضاء يكون بالأمر الأول، ومعنى هذا:
أنه ليس في حاجة إلى القياس.
والذي تميل إليه النفس: أن القضاء لا يجب إلا بأمر جديد، وليس هناك أمر جديد بوجوب القضاء على من ترك الصلاة عمداً، فاضطر القائلون بالقضاء للقياس على من نام أو نسيَ الصلاة، فقد ورد النص في ذلك: (من نام عن صلاة أو نسيَها فليصلِها إذا ذكرها) ، وقد سبق تخريجه (١/٢٩٧) .
إلا أن القياس -في رأيي- غير صحيح؛ لأن النص وارد فيمن تركها لعذر، وهذا قد ترك الصلاة عمداً.
ولذلك يرى بعض العلماء أن القضاء إنما وجب عليه بعموم قوله - صلى الله عليه وسلم -: (فدينُ الله أحق بالقضاء) .
وذهب جمع من المحققين إلى أن من ترك الصلاة عمداً لا يقضي، وإنما عليه التوبة، =

<<  <  ج: ص:  >  >>