الأصول، أو قيام الدليل على بطلان ما سواها، وقد شرحنا ذلك في الخبر الذى بعده.
وإذا كان كذلك، لم يلزم ما قالوه؛ لأن قولهم: ليس بعض الصفات أولى من بعض غلط؛ وذلك أنه إذا تعارض فيه أمارتان، عرضناهما على الأصول، فأيهما كان أشد اطراداً وانعكاساً وتأثيراً، كان أولى.
وقولهم: إنه يجوز أن يَرِد الخبر بأن الحكم سواه، فهذا لا يتصور بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم -. وأما في حياته فإنه ما من [٢٠١/أ] حكم ثبت بالنص إلا ويجوز أن يَرِد نص بخلافه، ثم لم يمنع ذلك كونه دليلاً.
وقولهم: إن مستَحِلَّ النبيذ والنقيع لا يَكْفُر، وإن كانت علة الكفر موجودة فيه وهي الشدة غلط؛ لأن العلة في كفر مستَحِلِ الخمر الإجماع على تحريمه، فليس العلة في كفره الشدة. وذلك الإجماع لا يوجد في غيره مما تحله الشدة، فلهذا لم نُكَفرْه.
وقولهم: يحتاج في تعريف العلة إلى علة أخرى إلى ما لا نهاية له غلط، لأنَّا (١) .
واحتج: بأن القياس لا يصح إلا بثبوت علة الأصل، وأنهم يدعون علة الأصل، ولا يمكنهم إقامة الدليل عليها، فلم يصح القياس بعلة مدعاة لا دليل عليها.
والجواب: أنا لا نقيس إلا بعد ثبوت علة الأصل، وإنما نبين فيما بعد ثبوتها، والأمارة الدالة عليها، إن شاء الله تعالى.
واحتج: بأن علة الأصل إذا ثبتت لا يجب أن يتعدى الحكم إلى كل موضع توجد فيه علة الأصل، ولهذا إذا قال رجل: اعتقت عبدي؛ لأنه أسود، لا