للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أيدِيَهُمَا) (١) والمعنى فيه: أن يسرق نصاباً من حِرْز مثله، لا شبهة له فيه.

ولا يكون هذا تخصيص اللفظ؛ لأنا لا نخصه بهذا القياس، فإنه مماثل في حكمه، وإنما نخصه بلفظ آخر.

وقد يكون [٢٠٢/أ] المعنى أعم من اللفظ، مثل المعنى المستنبط في مثل خبر عبادة بن الصامت في علة الربا (٢) ، فإن الأصل البُر، وحكمه مقصور عليه لفظاً، وفزعه أعم من لفظه، فإن معناه مكيل، فاكتفى به كل مكيل لأنا عقلنا الحكم بمعناه، ومعناه أعم من لفظه.

وقد يكون المدلول أعم من الدليل، كما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه سُئل عن بيع الرطب بالتمر، فقال: (أينقصُ الرطبُ إذا يَبِس؟ قالوا: نعم، فنهى عنه) .

وهذه العلة موجودة في سائر ما ينقص من الرطب وغيره.

واحتج: بأن تجويز القياس يفضي إلى أن يكون الشيء فرعاً لأصل، ويكون أصلاً لغيره، فإنه قد يقاس غيره عليه.

والجواب: أن هذا غير ممتنع، وهو موجود في المشاهدة، فإن النخلة (٣) قد تكون فرعاً لنخلة أخرى وأصلاً لغيرها، والمكيال قد يكون فرعاً لمكيال وأصلاً لمكيال.

وهذا في العقليات، وفي الشرعيات يجوز أن يكون الشيء أصلاً لغيره في حكمه، وفرعا لغيره في حكم آخر، فأما في حكم واحد فلا يتصور.


(١) آية (٣٨) من سورة المائدة.
(٢) أخرج هذا الخبر مسلم في صحيحه (٣/١٢١٠) بلفظ: (.... إني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينهى عن بيع الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبُر بالبُر، والشعير بالشعير والتمر بالتمر، والملح بالملح، إلا سواءً بسواء، عيناً بعين، فمن زاد أو ازداد فقد أربى ... ) .
(٣) في الأصل: (النخل) .

<<  <  ج: ص:  >  >>