للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واحتج: بأن العلل الشرعية لو كانت دالة (١) على الحكم وموجبة له لكانت تطرد وتنعكس، فلا توجد إلا والحكم موجود معها، ولا يوجد حكمها إلا عند وجودها، كالعلل العقلية.

والجواب: أن هذه العلل ليست عللاً في الحقيقة، ولا موجبة الأحكام، وإنما هي أمارات وعلامات نصبها الله تعالى لهذه الأحكام أدلة عليها، فهي تجري مجرى الأساس، فتدل على الحكم في الموضع الذي نُصب دون غيره.

وجواب آخر، وهو: أنه لا يمتنع أن تكون بهذه الصفة، وإن لم تطَّرد وتنعكس، لأن العلل العقلية على ضربين: تطرد وتنعكس، كالحركة في التحرك، وعلة لا تنعكس، وإنما يوجد الحكم عند وجودها فحسب، كقول الرجل: اضرب [من] ، في الحبس، واضرب من هو خارج من الحبس، وإذا كان الرجل في الحبس ضرب لكونه في الحبس، وإذا كان خارجاً ضرب لكونه خارجاً.

وكذلك الجواب عن قولهم: لو كانت علة في الحقيقة لما اختصت بزمان دون زمان، كالعلة العقلية، يتعلق الحكم بها قبل الشرع وبعده، وذلك أنا نقول: ليست بعلة في الحقيقة موجبة للأحكام، وإنما هي أمارة عليها (٢) كالأسماء.

ثم نقول: لا فرق بينهما، وذلك أن سبب تلك العلل العقل، والعقل لا يختص بزمان دون زمان، بل هو عام في جميع الزمان، فكان علته أيضاً عامة فيها.

والعلة الشرعية سببها الشرع، والشرع يختص ببعض الأزمنة دون بعض.

واحتج: [٢٠٢/ب] بأنه لو كان دليلاً على بعض الأحكام لكان دليلاً في جميعها.


(١) في الأصل: (دلالة) .
(٢) في الأصل: (عليه) .

<<  <  ج: ص:  >  >>