للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

على أنهم إنما سموا الأبْلَه حماراً مجازاً، لوجود بعض معانيه، فلما لم توجد فيه كل معانيه كان مجازاً.

وأما النبيذ، فتوجد فيه معاني الخمر كلها.

وكذلك اللواط، توجد فيه معاني الزنا كلها.

وكذلك النَّبَّاش (١) .

فلهذا كان حقيقة.

فإن قيل: فالعرب قد منعت أن يسمى النبيذ خمراً.

ومنه قول [أبي] الأسود (٢) :

فإن لا يَكُنْهَا أو تَكُنْهُ فإنَه ... أخوها غَذتْه أمُّه بلِبَانِها (٣)

يعنى إن لم يكن النبيذ هو الخمر أو الخمر هو النبيذ، فإن النبيذ أخوها، فنفى أن يكون النبيذ خمراً، وأثبت أنه أخوها.

قيل: هذا حجة لنا، لأن الشاعر توقف فيما ذكره، فلم يعلم هل النبيذ خمر أم لا؟ فلما أشكل عليه الأمر قال: فإن لم يكن النبيذ خمراً، فإنه أخوها.


(١) يعنى: توجد فيه معاني السرقة كلها.
(٢) هو: أبو الأسود الدِّيلي، ويقال: الدؤلي البصري القاضي، الشاعر. اختلف في اسمه واسم أبيه؛ فقيل: ظالم. وقيل: ابن عمرو بن سفيان. وقيل عمرو بن عثمان وقيل: عثمان بن عمرو. روى عن عمر وعلي ومعاذ وغيرهم. وعنه ابنه أبو حرب وعبد الله بن بريدة ويحيى بن يعمر. وثَّقه ابن معين وابن سعد وذكره ابن حبان في الثقات. مات سنة (٦٩) .
انظر ترجمته في: تهذيب التهذيب (١٢/١٠) .
(٣) البيت منسوب للشاعر المذكور في كتاب سيبويه (١/٤٦) وفي اللسان: مادة (لَبَن) وفي خزانة الأدب (٢/٤٢٦) .
واللِّبان بالكسر: اللبن للآدميين خاصة.
وانظر: تعليق الأستاذ عبد السلام هارون في هامش كتاب سيبويه.

<<  <  ج: ص:  >  >>