للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو سفيان: وإلى هذا كان يشير شيخنا أبو بكر، يعني الرازي في احتجاجه بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (إنَّما هو دمُ عِرْق، وليست الحيضة، فتوضَّئي لكل صلاة) في إيجاب الوضوء من الرُّعاف ونحوه. ويجعله بمنزلة أمر النبي عليه السلام بالوضوء من كل دم عِرْق (١) .

وكان يحكيه عن الكرخي (٢) . ولم يفرق بين ورود النص بذلك قبل ثبوت حكم القياس، أو بعد ثبوته.

وقال أبو سفيان: وذهب بعض شيوخنا (٣) إلى أنه لا يجب أن يحكم فيما وُجِدت فيه تلك العلة بحكم المنصوص عليه، قبل ثبوت حكم القياس.

واختار أبو سفيان ذلك (٤) .


(١) الذي رجَّحه أبو بكر الرازى في كتابه الفصول ص (١٤٢) هو القول أن ذلك من باب القياس لا من باب العموم، حيث يقول: (قال أبو بكر: والأظهر أن إلحاق ما يوجب فيه هذه العلة بحكم الأصل، إنما هو من طريق القياس لا من طريق النص والعموم؛ لأن المنصوص عليه هو ما تناوله الاسم، وقوله: "في دم الاستحاضة الوضوء؛ لأنها دم عرق" لم يتناول الاسم منه إلا دم الاستحاضة، وقوله: "إنها دم عرق" ليس بعموم في غير دم الاستحاضة، وإنما هو صفة من صفات المذكور بعينه دون غيره ما لم يذكر ... ) .
وبهذا يعلم أن في نقل أبي سفيان الحنفي وهماً، تابعه عليه المؤلف، مع أن المؤلف رجع إلى كتاب الفصول واستفاد منه كثيراً، كما أشرنا إلى ذلك فيما تقدم.
(٢) لم أجد في كتاب الفصول لأبي بكر الرازي المشهور بالجصاص نقلاً عن شيخه الكرخي في هذه المسألة.
ولكن ما ذكره المؤلف وجدته منسوباً إليه في التبصرة ص (٤٣٦) ، والإحكام للآمدى (٤/٤٧) .
(٣) يعنى: الحنفية.
(٤) الذي نص عليه الكمال بن الهمَام الحنفي في كتابه التحرير (٤/١١١) مطبوع مع شرحه تيسير التحرير: (أن النص على العلة يكفي في إيجاب تعدية الحكم بها، ولو =

<<  <  ج: ص:  >  >>