فإن قيل: لا نسلم أن العلة وضعت للتنبيه على غيرها من الأحكام.
قيل: لا خلاف أنها بعد ورود التعبد بالقياس [تكون] تنبيهاً على غيرها، فيجب أن تكون قبله تنبيهاً كالتنبيه باللفظ.
فإن قيل: إنما كان النهي عن التأفيف موجباً لما ذكرت؛ لأن هذه اللفظة موضوعة في اللغة لذلك، فليست هذه حال التعليل؛ لأن تعليل الحكم غير موضوع في اللغة يحمل غيره عليه.
قيل: بل هو موضوع يحمل غيره عليه بدليل بعد ورود التعبد بالقياس.
واحتج [٢١١/أ] المخالف:
بأن هذه الشرعيات، إنما حَسُن التعبد بها، لما فيه من المصلحة الداعية، وقد بيَّن الله تعالى ونبَّه على ذلك بقوله:(إِنَّ الصَّلاَةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ) . فإذا كان كذلك، وكان ما يدعو إلى فعل الشىء قد لا يدعو إلى فعل أمثاله، بدلالة أن العاقل إذا أكل شيئاً لأنه حلو، لم يأكل جميع ما يشاركه في الحلاوة في تلك الساعة. فلا يمنع أيضاً أن يكون الحكم المنصوص عليه مصلحة للمكلف، ولا يكون ما شاركه في تلك العلة مصلحة له.
والجواب: أن حُسْن التعبد لا يقف عندنا على ما فيه وقد بيَّنا ذلك فيما تقدم.
وعلى أن العلة هاهنا موجودة ممن هو عالم بالمصالح، فوجب تقديمها لوجود المصلحة فيها.
واحتج: بأن مجرد الوصف لا يدل على شىء. ألا ترى أن الحلاوة كانت موجودة في السكَّر قبل (١) أن ينص على تحريمه، ولم تكن دلالة على التحريم.