للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فلما نص على تحريمه، وذكر العلة، فقد ذكر علة خاصة تقتضي ثبوت الحكم في الأصل المذكور وتعلقه به. وقد تكون العلة خاصة فيه، وقد تكون علة فيه وفي غيره، فلم يكفِ مجرد ذكرها في وجوب رد غيرها إليها، بل احتيج في ذلك إلى دليل.

والجواب: أن هذا باطل بجميع العلل الشرعية، فإن أوصافها كانت موجودة قبل التعبد بالقياس، ولا يتعلق بها حكم، وبعد التعبد بالقياس تعلق بها الحكم، كذلك هاهنا لما ورد النص بها وجب أن يتعلق الحكم بها وإن لم يتعلق بها قبل ذلك.

وقولهم: إن العلة قد تكون خاصة، فوجب التوقف حتى يدل الدليل على التعدي، فلا نسلمه؛ لأنه ليس عندنا علة مقصورة غير متعدية.

وهذا أصل، يأتي الكلام عليه إن شاء الله.

واحتج: بأنه لا يجوز أن يقول: حرمتُ السكَّر لحلاوته، وأحللتُ غيره مما (١) توجد فيه الحلاوة، فلا يكون ذلك تناقضاً. فلو كان النص على العلة يوجب أن يكون كل ما يوجد فيه مشاركاً، لما جاز أن ينص على ثبوت الحكم في بعض ما يوجد فيه العلة، وعلى ضده في بعضها، بل يكون ذلك ضرباً من المناقضة.

فلما جاز هذا، ثبت؛ لأن مجرد النص على العلة والحكم لا يوجب إلحاق الغير به إلا بدليل.

والجواب، أنا لا نسلِّم هذا، وهذا على أصلنا ظاهر. و (٢) أن تخصيص العلة لا يجوز، وفي هذا تخصيص لها.


(١) في الأصل (ما) .
(٢) الواو هذه زائدة، وكان الأولى حذفها، وقد تركناها؛ لأن المؤلف يعبر بها كثيراً.

<<  <  ج: ص:  >  >>