تخصيصها، كما يجوز في أسماء العموم. لما كانت الأسماء أمارات لما علق بها من الأحكام جاز تخصيصها.
يبين صحة هذا: أن العموم في الأسماء آكد حالاً وأعلا مرتبة من العلة؛ لأن رد العموم يوجب التكفير، ورد العلة المقتضية لا يوجب ذلك.
فإذا جاز تخصيص العموم، فلأنْ يجوز تخصيص العلة التي هي دونه في الرتبة أولى.
والجواب: أن تخصيصه لا يُسقط دلالتَه، ولا يُسقط شرطه؛ لأنه إنما كان دليلاً على الحكم لكونه قولاً لمن تجب طاعته، فإذا خص منه شىء كان ما يتناوله اللفظ مما عداه داخلاً في اللفظ. فوجب إثبات حكم اللفظ فيه، وليس كذلك في مسألتنا. فإنه إذا وجدناها مع عدم الحكم تبينا أنها ليست كمال العلة، وأن الحكم ليس بتابع لها وإنما هو تابع لها تبع زيادة صفة يجب إضافتها إليها.
واحتج: بأن العلة المنصوص عليها، وهي علة صاحب الشرع يجوز تخصيصها كذلك المستنبطة.
والجواب: أن العلة المنصوص عليها لا يجوز تخصيصها.
وإذا وجدناها مع عدم الحكم، تبينا أنها بعض العلة، وأن الله تعالى نص على بعض العلة، ووكل الباقي إلى اجتهاد أهل العلم.
وإذا كان كذلك، لم يكن بين المنصوص عليها وبين المستنبطة فرق.
وقد قيل: يجب أن تكون منتقضة، ولا يقدح ذلك فيها؛ لأن الدليل على صحتها كونها منصوصاً [٢١٥/أ] عليها، وذلك موجود.
واحتج: بأنه يجوز أن يوجد الحكم بوجود العلة، ثم تزول هذه العلة والحكم باق بدليل آخر وعلة أخرى. فإذا صح أن يبقى الحكم ولا هذه العلة، صح أن توجد هذه العلة ولا حكم.
والجواب: أنه إذا وجد الحكم ولا علة لم يمنع أن يجري، دليل صحة العلة