للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الشريعة، نصاً وظاهراً وتنبيهاً، ومن التأثير وشهادة الأصول، جاز أن تجتمع علتان في حكم، فتزول إحداهما، ويبقى الحكم ببقاء العلة الأخرى، كالمُحْرِمة إذا حاضت حرُم وطؤها لحيضها ولإحرامها، فإذا طهرت من حيضها واغتسلت (١) لم يحل وطؤها لبقاء إحرامها.

وقد تَخْلُفُ العلةُ العلة فيبقى الحكم بالعلة التي خلفتها، كالنكاح يزول وتخلفه العدة، فتمنعها العدة من عقد النكاح كما منعها النكاح.

وكذلك الرِّدة علة لإباحة الدم، والزنا مع [٢١٥/ب] الإحصان، فإذا اجتمعا تعلقت الإِباحة بهما، وإذا أسلم من الرِّدة لم تزُل الإِباحة للزنا.

فإذا كان كذلك، دل على أن ليس من شرط العلة العكس، هذا إذا كان التعليل لغير الجنس.

فأما إذا كان التعليل للجنس وجب أن تنعكس؛ لأن تعليل جنس الحكم يقتضي حصر الجنس، ويجري مجرى الحدود، فإذا لم ينعكس لم يكن حاصراً للجنس، ولم يكن علة له.

ألا ترى أنه إذا قال: الرِّدة علة لجنس إباحة الدم لم يصح؛ لأن الزنا مع الإِحصان يبيحُه، وقتل النفس بغير النفس يبيحُه. فلا تكون الردة علة لجنس إباحة الدم، لأنها لا توجب نوعين من الإِباحة اللذين يوجبهما الزنا والقتل.

ومتى كانت العلة للجنس أوجب جميع أنواع ذلك الجنس، فانعكست، ألا ترى إذا قلت: البلوغ والعقل علة لجنس التكليف انعكست.


(١) في الأصل: (أو اغتسلت) ، والهمزة زائدة، ذلك أن الحائض إذا طهرت ولم تغتسل لا يباح في حقها غير صوم وطلاق.
انظر: شرح منتهى الإرادات (١/٤٥) والروض المربع مع حاشية العنقري (١/١٠٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>