للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما قياسه على غيره، فإن أحمد -رحمه الله- قال في رواية المروذى: "يجوز شَرْي أرض السواد، ولا يجوز بيعها. فقيل له: كيف اشتري ممن لا يملك؟! فقال: القياس: كما تقول، ولكن استحسان" (١) .

واحتج بأن أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رخَّصوا في شَرْي المصاحف، وكَرِهوا بيعَها.

وهذا يشبه ذلك (٢) .

فقد قاس مخصوصاً من جملة القياس على مخصوص من جملة القياس.

وبهذا قال أصحاب الشافعي (٣) .

وقال أصحاب أبي حنيفة: المخصوص من جملة القياس لا يقاس على غيره.

ولا يقاس غيره عليه، إلا أن يكون معللاً أو مجْمعاً على جواز القياس عليه (٤) .


(١) قوله هنا: (ولكن استحسان) يدل على أن الإمام أحمد يقول بالاستحسان، وهو هنا العدول عن قياس لقياس آخر.
(٢) سبق ذكر هذه الرواية في أكثر من موضع.
(٣) وما ذكر المؤلف هنا وجه عند الحنابلة.
وهناك وجه آخر ذكره أبو الخطاب في التمهيد (٣/٤٤٦) والمسوَّدة ص (٤٠٠) وهو ما حكاه المؤلف عن أصحاب أبي حنيفة، كما سيأتي.
(٤) هذا الرأي منسوب لأبي الحسن الكرخي، فإنه قال بجواز ذلك في ثلاث حالات: أن يرِد الخبر بكونه معللاً، أو كانت الأمة مجْمعة على تعليله، أو كان ذلك الحكم موافقاً لبعض الأصول، وإن كان مخالفاً لبعضها.
أما رأي عامة الحنفية -كما عبر صاحب كشف الأسرار- منهم القاضي أبو زيد والشيخان ومن تابعهم من المتأخرين فهو: أن الشرع إذا ورد بما يخالف في نفسه الأصول يجوز القياس عليه إذا كان له معنى يتعداه.
وهنالك رأي ثالث لبعض الحنفية. أنه لا يجوز القياس عليه.
وهناك رأي رابع لمحمد بن شجاع الثلجي الحنفي: (أن الحكم المخالف للقياس إن ثبت بدليل مقطوع به جاز القياس عليه وإلا فلا) . =

<<  <  ج: ص:  >  >>