للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قياس الأصول، وليست هذه حال المخصوص العاري عن علة؛ لأنه لا يوجد فيه ما يبطل قياس الأصول.

قيل: لو كان الحكم عندك في المعلل لما ذكرت، لوجب أن تقيس النبيذ على الخمر في التحريم لوجود علة الخمر (١) بقوله تعالى (إنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أن يُوقِعَ بِيْنَكُمُ العَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ في الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ) (٢) .

وهذه العلة موجودة في النبيذ، ومع هذا فلم تقيسوا النبيذ على الخمر.

وكذلك كان يجب قياس الخل على النبيذ في جواز الوضوء -كما حُكي عن الأصم (٣) جواز الوضوء بسائر المائعات- لوجود العلة في النبيذ بقوله عليه السلام: (ثمرةٌ طيبة، وماء طهور) (٤) ، وهذه العلة موجودة في الخل.

وكذلك كان يجب أن تقيسوا الآكل والشارب في رمضان لمرض، على الناسي في إسقاط القضاء لوجود العلة فيه، وهو قوله: (اللهُ آطْعمكَ وسقَاكَ) (٥) .

وهذا التعليل موجود في المريض. وليس لهم أن يقولوا: هذا التعليل لاسقاط


(١) في الأصل: (العلة الخمر) و (ال) زائدة.
(٢) آية (٩١) من سورة المائدة.
(٣) هو: عبد الرحمن بن كيسان المعتزلي، وقد سبقت ترجمته.
(٤) إشارة إلى حديث النبيذ، وقد سبق تخريجه (١/٣٤١) .
(٥) هذا الحديث رواه أبو هريرة - رضي الله عنه - مرفوعاً، أخرجه عنه البخاري في كتاب الصيام، باب: الصائم إذا أكل أو شرب ناسياً (٣/٣٨) بلفظ: (عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: قال إذا نسي فأكل وشرب، فليتمَّ صومَه، فإنما أطْعَمه الله وسقَاه) .
وأخرجه عنه مسلم في صحيحه في كتاب الصيام، باب: أكل الناسي وشربه وجماعه لا يفطر (٢/٨٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>