للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيقول للسائل هذا التفصيل.

وإن شاء قال: منه ما يطهر بالدباغ ومنه ما لا يطهر. فعن أيهما تسأل؟

فأمَّا إذا أطلق الجواب وقال: يطهر بالدباغ كان مخطئاً (١) .

وإذا صح الجواب من جهة المسؤول قال السائل: ما الدليل عليه؟ وهو السؤال الثاني.

فإذا ذكر المسؤول الدليل، فإذا كان السائل يعتقد أن ما ذكره ليس بدليل.

مثل: أن يكون قد احتج بدليل الخطاب، والسائل حنفي لا يقول بدليل الخطاب، أو بالقياس، والسائل ظاهري لا يقول بالقياس فقال للمسؤول: هذا ليس بدليل.

فإن المسؤول يقول له: هذا عندي دليل، وأنت بالخيار بين أن تُسَلِّمه وبين أن تنقل الكلام إليه [٢٨٨/ب] فأَدِلُّ على صحته.

فإن قال السائل: لا أسلِّم لك ما احتججت به، ولا أنقل الكلام إلى أصل كان معنتاً ومطالباً بما لا يجب عليه؛ لأن المسؤول لا يلزم أن يثبت مذهبه إلا بما هو دليل عنده، ومن نازعه في دليله، دل على صحته وقال بنصرته.

فإذا فعل ذلك فقد قام بما يجب عليه فيه، وإن عدل إلى دليل غيره لم يكن منقطعاً؛ لأن ذلك لعجز السائل عن الاعتراض على ما احتج به وقصوره عن القدح فيه.

هذا إذا كان الدليل الذي احتج به أصلاً جلياً مشهوراً. فأما إن كان دليلاً خفياً، فنازعه السائل فيه، وامتنع من تسليمه فهو بمنزلة الجلي المشهور.


(١) ذكر هذا المثال بنصه الخطيب البغدادي الشافعي في كتابه الفقيه والمتفقه (٢/٤٠) .
ثم أضاف بأنه جرى لأبي يوسف مع الإمام أبي حنيفة نحو هذه المسألة ثم ذكرها بسنده إلى الفضل بن غانم، وهي مسألة طريفة فيها عِظَة لطالب العلم فارجع إليها.

<<  <  ج: ص:  >  >>