فالإِمام أبو حنيفة ذهب إلى أنه لا يجوز المن عليهم, كما ذهب في إحدى الروايتينِ عنه أنه لا يجوز المفاداة. والإِمام مخير في الأسرى بين القتل والاسترقاق وتركهم أحراراً ذمة للمسلمين إلا مشركي العرب والمرتدين، فلا يقبل منهم إلا الإسلام أو السيف. وقد أجابوا عن آية: (فَإمَّا مَنّاً بَعْدُ وَإمَّا فِدَاءً) بأنها منسوخة بمثل قوله تعالى: (اقْتُلُوا الْمُشرِكِينَ) . وذهب الشافعية والحنابلة إلى أن الإِمام مخير فيهم بين أمور أربعة: القتل والاسترقاق والمَن والفداء. انظر: بدائع الصنائع (٩/٤٣٤٩) وشرح فتح القدير (٥/٤٧٣) والأم (٤/١٤٤) ، والكافي لابن قدامة (٤/٢٧٠) . (١) آية (٤) من سورة محمد. (٢) هم الحنفية. (٣) آية (٥) من سورة التوبة. (٤) ذكر المؤلف هنا وجهاً واحداً من أوجه الاعتراض بالنسخ، وهى: أن يدعي المخالف نسخ آية بآية أخرى. الوجه الثاني: أن ينقل الناسخ صريحاً. مثاله: أن يستدل الحنبلي في إيجاب الفدية على الحامل والمرضع إذا أفطرتا في رمضان خوفاً على الجنين أو الولد: بقوله تعالى: (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِين) (البقرة آية ١٨٤) . فيقول المخالف: قد نقل عن سلمة بن الأكوع الأسلمي: أنها منسوخة بقوله تعالى: (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ) (البقرة آية ١٨٥) . فيجيب الحنبلي: أنها منسوخة في حق من كان له الإِفطار من غير حمل ولا رضاع،