للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكأن المعنى في ذلك أنه لا سبيل له إلى معرفة الحق والوقوف على طريقه.

وكل واحد من المجتهدين يفتيه بما أدى اجتهاده إليه، فيؤدي ذلك إلى حيرته، فجعل له أن يقلد أوثقهما في نفسه.

ويخالف المجتهد؛ لأنه يمكن موافقته على طريق الحق ومناظرته فيه.

واحتج: بأنه لو أداه اجتهاد [هُ] في وقت إلى جواز النكاح بلا وليِّ فقضى به، ثم أداه اجتهاده في وقت آخر إلى خلافه لزمه أن يقضي بذلك، فلو كان الثاني خطأ ما لزمه الحكم به.

والجواب: أنه (١) حينما أداه اجتهاده إلى الحكم بجوازه كان يعتقد أن ضده خطأ، وإنما صار صواباً في وقت آخر، فما (٢) اجتمع الجواز وضده في وقت واحد.

واحتج: بأن اختلاف الفقهاء في مسائل الحوادث كاختلاف القُراء في الحروف، ثم ثبت أن كل من قرأ بحرف فهو مصيب، كذلك في الأحكام.

والجواب: أن اختلاف القُرَّاء لا يفضي إلى مناقضة.

ألا ترى أن كل من خالف في قراءة جاز له أن يقرأ بحرف غيره، فلهذا كان الكل صواباً، وليس كذلك في مسألتنا؛ لأنه اختلاف في أحكام، ومن ذهب إلى أن كل مجتهد مصيب أفضى إلى المناقضة.

ألا ترى أنه لا يجوز أن يأخذ بالقولين معاً، فبانَ الفرق بينهما.


= له ترجمة في: طبقات الحنابلة (١/٦٤) .
والكلام الذي نقله عن الإِمام أحمد هنا موجود في تاريخ بغداد (٦/٦٦) في ترجمة أبي ثور، وقد نقله بسنده إلى أحمد بن محمد البراثي.
(١) في الأصل: (أن) .
(٢) في الأصل: (كما) .

<<  <  ج: ص:  >  >>