والدلالة على أن ذلك غير مقطوع عليه (١) أنه لو كان مقطوعاً عليه لم يلزمه أن يجتهد دفعة ثانية في تلك الحادثة، ولا يجتهد في صلاة ثانية في الجهة.
ولما أجمعنا على أنه يحدث اجتهاداً علمنا أنه غير مقطوع عليه.
وليس لأحد أن يمتنع من هذا ويقول: إنه لا يلزمه أن يجتهد ثانياً؛ لأن هذا مخالف الإِجماع السابق، ولأنه لو كان مقطوعاً عليه لوجب أن ينقض بحكم الحاكم إذا خالفه، كما ينقض بمخالفة النص.
وليس لهم أن يقولوا: إنما لم ينقض؛ لأنه يكون ذريعة إلى تسليط الحكام بعضهم على بعض؛ لأن هذا لا يمتنع، كما لم يمتنع عند مخالفة النص والإِجماع.
فإن قيل: أحد الحكمين يتميز عن الآخر بالتأثير الموجب للعلة وبكثرة الأصول.
قيل: فيجب أن يؤثر في نقض الحكم [٢٤٥/أ] وإسقاط الاجتهاد دفعة ثانية، كما كان ذلك في المنصوص عليه.
فإن قيل: قد وجدنا أن الحكم يتعلق بالعلة الشرعية كتعلقه بالعلة العقلية، فإنه ما دام عصيراً هو مباح، فإذا حدثت الشِّدة حُرم، فإذا زالت أبيح، فإذا عادت حُرم، فدل على أنها موجبة، كما أن الحركة لما كانت دلالة على كون المتحرك متحركاً [كانت موجبة] .