للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويجوز أن يسمُوا الأشياء بغير الأسماء التي وصفها الله تعالى لها، إذا لم يحصل منه حظر لذلك، فإن حظر ذلك لم يَجُزْ مخالفة الاسم، ومتى لم يحظر ذلك كان للشيء اسمان: أحدهما موقف عليه، والآخر متواضع عليه.

وقال قوم: جميع أسماء الأشياء في كل لغة أخذ من جهة توقف الله تعالى لآدم، والتعليم له، إما بتولي خطابه، أو الوحي إليه على لسان من يتولى خطابه وإفهامه.

وقال آخرون: جميع ذلك عرف من جهة مواطأة أهل اللغة.

والذي نختاره: ما ذكرناه أولا، وهو كلام أبي بكر عبد العزيز من أصحابنا؛ لأنه فسر قوله تعالى: {وَعَلَّمَ آَدَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا} ١، بما نذكره فيما بعد، ولم يحمل الآية على عمومها.

فالدلالة على فساد قول من قال: إن جميعها توقيف هو: أنهم إذا كانوا أحياء ناطقين، وكان الكلام والنطق منهم صحيحًا، ويعرفون المعلومات، البعض منها ضرورة، والبعض منها نظرًا وبحثًا، ويعرفون لما يعلمونه أمثالا، وربما غاب عنهم الحاضر واحتاجوا إلى طلبه، وجب عند ذلك صحة نطقهم للحاجة لمعرفة ذلك، وجرى مجرى اجتماع الخلق على أكل الطعام عند الجوع، وشرب الماء واتقاء الحر والبرد.

فإن قيل: كيف يعرف مراد النطق بالأصوات، وهو لم يسبق له التوقيف بمعرفة ذلك؟ قيل: يعرف ذلك ضرورة عند قوله: رجل وإنسان، إذا تكرر ذلك وأتبعه [١٦/ ب] بالإشارة إليه والإقبال عليه.


١ "٣١" سورة البقرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>