للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيل: يحتمل أن يكون علّم آدم الأسماء كلها بلغة من اللغات مبتدأة له لم ينطق بها أحد، وأن تكون الملائكة المخلوقة قبله قد كانت تواضعت على أسماء لتلك الأشياء وتخاطب يتفاهمون به غير الأسماء المبتدأة لآدم، فتكون لها أسماء وقف الله آدم عليها، لا تعرفها الملائكة، وأسماء لها قد عرفتها الملائكة بطريق التواضع.

وقيل: يحتمل أن يكون الله تعالى علّمه اسم كل شيء خلقه ذلك الوقت من الملائكة والسموات وما خلقه في الجنة، ولم يعلِّمه أسماء ما يحدثه ويخلقه من بعد، ويكون قوله: {كُلَّهَا} على طريق التأكيد، أو يكون قوله: {كُلَّهَا} في ذلك الوقت.

وقيل: إنه لم يخبر كيف علمه بأن وقفه أو أنطقه أو أقدره على النطق وجميع دواعيه على مواضعة الملائكة على دلالة ما ينطبق به، فإذا أقدره على ذلك، وخلق فيه العلم به وجمع همه عليه كان له الأسماء، وإن لم يعلمه ذلك توقيفًا.

وهكذا الجواب عن قوله: {تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ} ١، و {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} ٢، معناه سمى بعضه، ودلّ على بعضه.

والذي يدل على أن الملائكة [١٧/ أ] كانوا مخاطبين ومتواضعين على تخاطب أسماء يعرفونها قبل خلق آدم؛ قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا} ٣، الآية، وقوله لما خلقه وأحياه وعلمه: {أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلاَءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ قَالُوا سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا} ٤، فلو لم يكونوا عالمين بالخطاب وبأسماء الأشياء، كيف كانوا يفهمون، ويجيبون، ويقولون؟!


١ "٨٩" سورة النحل.
٢ "٣٨" سورة الأنعام.
٣ "٣٠" سورة البقرة.
٤ "٣٢" سورة البقرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>