للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زيدًا وعمرًا معًا، أن يكون مناقضًا في كلامه، كما لو قال: رأيت زيدًا ثم عمرًا، كان مناقضًا.

وأيضًا روي أن النبي -صلى الله عليه وسلم- سمع رجلا يقول: ما شاء الله وشئت، فقال: "أمثلان أنتما؟! قل: ما شاء الله ثم شئت"١، فلو كان الواو توجب الترتيب لكان قوله: وشئت، وقوله: ثم شئت- سواء، وقد فرق النبي -صلى الله عليه وسلم- بينهما، وأمره بأحدهما ونهاه عن الآخر، فعلم أن أحدهما يوجب الجمع والآخر الترتيب.

واحتج من قال: إنها للترتيب، بما روي عن عدي بن حاتم٢ أنه قال: خطب رجل عند رسول الله


١ هذا حديث روته: قتيلة بنت صيفي الجهنية. ويقال: الأنصارية، مرفوعًا. أخرجه عنها النسائي في كتاب الأيمان والنذور، باب الحلف بالكعبة "٦/ ٧" ولفظه: أن يهوديًّا جاء إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: "إنكم تنددون، وإنكم تشركون، تقولون: ما شاء الله وشئت، وتقولون: والكعبة" فأمرهم النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا أرادوا أن يحلفوا أن يقولوا: ورب الكعبة، ويقولوا: ما شاء الله ثم شئت.
وأخرج أبو داود في كتاب الأدب، باب ما لا يقال: خبثت نفسي "٢/ ٥٩١" عن حذيفة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم: أنه قال: "لا تقولوا: ما شاء الله وشاء فلان، ولكن قولوا: ما شاء الله، ثم شاء فلان". وأخرجه عنه الإمام أحمد "٥/ ٣٨٤، ٣٩٤، ٣٩٨" وإسناده صحيح.
٢ هو عدي بن حاتم بن عبد الله الطائي، أبو طريف. أحد المهاجرين، قدم على النبي -صلى الله عليه وسلم- سنة سبع، كان سيدًا في قومه، وافر العقل، حاضر الجواب، كما كان كريْمًا فاضلا، شهد مع علي -رضي الله عنه- الجمل وصفين والنهروان، نزل الكوفة، وسكنها، وبها مات سنة: ٦٨هـ، وله مائة وعشرون سنة تقريبًا.
له ترجمة في: "الاستيعاب": "٣/ ١٠٥٧"، و"الإصابة" القسم الرابع، ص: ٤٦٩" طبعة دار نهضة مصر.

<<  <  ج: ص:  >  >>