للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عبد الله "إذا تكلم الله بالوحي سمع صوته أهل السماء"١، وذكر الحديث. وهذا يدل من قوله على أن الأمر هو الأصوات المسموعة؛ لأنه بَيَّن أن كلام الله تعالى الذي هو الأمر والنهي كان بصوت مسموع.

وقال في رواية إسحاق بن إبراهيم٢: "الأمر من النبي سوى الفعل؛ لأن النبي قد يفعل الشيء على جهة القصد، وقد يفعل الشيء هو له خاص، وأمره بالشيء للمسلمين". وهذا يدل من قوله -رضي الله عنه: أن الفعل ليس بأمر؛ لأنه فرق بين فعله وبين قوله الذي هو الأمر، وجعل الأمر مقتضيًا للوجوب، والفعل محتملا للخصوص.

والدلالة على أنه يكون أمرًا لصيغته لا لإرادة الآمر:

أن الله تعالى أمر إبراهيم بذبح ولده، ولم يرد منه الذبح؛ لأنه لو أراد منه الذبح لم يجز أن يمنعه منه عند المخالف.

وقد ذكر أبو بكر عبد العزيز في آخر "كتاب القدر" قصة إبراهيم، وقال: قد يأمر بما لا يريد أن يكون، أو علم أنه لا يكون، ولا يكون مغلوبًا ولا مقهورًا مع علمه به أنه لا يكون، وإنما يكون مغلوبًا لو لم يعلم أنه لا يكون.

فإن قيل: لم يأمره بالذبح، وإنما كان أمره بمقدمات الذبح من الإضجاع وغيره. قيل: هذا خلاف نص القرآن؛ لأن الله تعالى أخبر


١ هذا الحديث رواه عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- مرفوعًا. أخرجه عنه أبو داود في كتاب السنة، باب في القرآن "٢/ ٥٣٦، ٥٣٧" وإسناده قوي.
وراجع في هذا الحديث أيضًا: الفتح الكبير "١/ ٩٥".
٢ هو إسحاق بن إبراهيم بن هانئ النيسابوري، أبو يعقوب. من أصحاب الإمام أحمد الذين خدموه، وتتلمذوا عليه، ونقلوا عنه مسائل كثيرة. وصفه الخلَّال بالدين والورع. ولد سنة: ٢١٨هـ، ومات ببغداد سنة: ٢٧٥هـ.
له ترجمة في طبقات الحنابلة "١/ ١٠٨، ١٠٩".

<<  <  ج: ص:  >  >>