للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُك} مثل قوله: ما يمنعك أن لا تسجد إذ قلت لك: اسجد، فإن الذم يتعلق بمجرد مخالفة القول، كذلك ههنا. فإذا قيل: إنما عاقبه؛ لأنه استكبر وكان من الكافرين، قيل: عاقبه على الأمرين جميعًا، على مخالفة الأمر، وعلى الاستكبار والكفر.

فإن قيل: لا يجوز [٢٢/ أ] أن يكون الأمر لإبليس بالسجود؛ لأن ذلك أمر للملائكة وإبليس ليس منهم، وإنما هو من الجن؛ لقوله: {إِلاَّ إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّه} ١.

قيل: إبليس من الملائكة. وقد ذكر أبو بكر هذا فيما علَّقه عنه أبو إسحاق٢.

وهو قول ابن عباس فيما ذكره أبو بكر في كتاب التفسير فقال: قال ابن حنبل: حدثنا حجاج عن ابن جريج قال ابن عباس: كان إبليس من أشراف الملائكة التي منهم قبيله، وكان خازنًا على الجِنَان، وكان له سلطان سماء الدنيا، وكان له سلطان الأرض.

وقال ابن عباس في قوله تعالى: {كَانَ مِنَ الْجِنِّ} إنما سمي الجنان: إنه كان خازنًا عليها، كما يقال للرجل عَدَني، ومَكِّي، وكُوفِي، وبَصْرِي.


١ "٥٠" سورة الكهف.
٢ هو إبراهيم بن أحمد بن عمر بن حمدان بن شاقْلا -بسكون القاف وفتح اللام- أبو إسحاق البزار الفقيه الأصولي الحنبلي. سمع من أبي بكر عبد العزيز غلام الخلَّال وابن الصوَّاف وغيرهما، مات سنة: ٣٦٩هـ. وله من العمر "٥٤" سنة. له ترجمة في: طبقات الحنابلة "٢/ ١٢٨- ١٣٩"، والمدخل لابن بدران "ص: ٣٠٦"، ومناقب الإمام أحمد لابن الجوزي "ص: ٥١٦".

<<  <  ج: ص:  >  >>