للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وما كانوا عليه عند ورود لفظ الأمر، والذي يعلم أنه كان متقررًا فيما بينهم أن إطلاق ذلك يقتضي الوجوب والامتثال.

فإن قيل: يحتمل أن يكون رجوعها إلى غير ظاهر الأمر، وإنما رجعوا إلى قرينة اقترن بها دلَّت على الوجوب.

قيل: الذي ظهر عنهم الاحتجاج بنفس الألفاظ، فلا يجوز حمله على القرائن، وليس هذا إلا مثل من سمع خبرًا فصدق المخبر، فالظاهر تعلق تصديقه به دون إخبار مخبر قبله.

وجواب آخر وهو: أن هذا الاعتبار لو صح لبطل حكم اللغة، ألا ترى أن أسامي الأشخاص والأعيان تفيد مسمياتها بأنفسها، ولا طريق إلى إثبات هذا المعنى إلا بالطريق الذي ذكرناه، فلو أن قائلا قال: إن هذه الأسامي إنما يستدل بها على مسمياتها بدلالة غير الظاهر، وكذلك سائر ألفاظ [٢٣/ أ] اللغة، مثل: أوجبت وفرضت وألزمت، وأسماء الأشخاص والأعيان، لم يمكن أن تنفصل عنه بغير ما ذكرنا في لفظ الأمر.

وجواب آخر وهو: أن دلالة الحال ليس بعلة ملازمة للأمر حتى لا تخلو منها، وإنما تقارن بعض الأوامر، فلو كان اللفظ لا يفيده لحصل من جماعة الصحابة سؤال عن مقتضى الأمر في حال من الأحوال في مدة حياته عليه السلام، لامتناع أن لا يكون حصل له أمر في هذه المدة غير مقترن١ بدلالة.

وجواب آخر وهو: أنه لو كان المفيد لوجوب الفعل دلالة الحال،


١ في الأصل: "مقترنة".

<<  <  ج: ص:  >  >>