للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لكان نقلها أولى من لفظ الأمر، ولصار تركها تضييعًا لنقل الشريعة، وغير جائز حمل أمر الصحابة على هذا المعنى.

فإن قيل: ما ذكرتموه ليس بلفظ عنهم يقع الاحتجاج به.

قيل: استعمالهم لذلك دلالة على إثبات لغة العرب، لأنها الأصل في اللغة، يجري مجرى استعمالها للفظ الأمر كاستعمالها لسائر ألفاظ اللغة.

فإن قيل: ما رويتموه عنهم لا يقع به العلم فلم يجز إثبات مثل هذا الحكم الذي هو أصل به.

قيل: هذا القائل يجوز إثبات الأسامي الشرعية من جهة الآحاد، فكان إثبات قول يعرب وقحطان أولى بالإثبات.

فإن قيل: فالصحابة قد كانت تعتقد الإباحة في بعض الأوامر، ولم يدل هذا على أنه ظاهر اللفظ.

قيل: من أثبت غير الوجوب فإنما أثبته بدلالة.

فإن قيل: فقد روي أن النبي -صلى الله عليه وسلم: دعى المصلي وهو في صلاته، فلو كان قد اعتقد وجوب الأوامر بقوله تعالى: {اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ} لم يترك ذلك.

قيل: لا يمتنع أن يكون قد اعتقد وجوب ذلك، وقدم عليه قوله تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ} ١ على إقامتها والمضي فيها، دون تركها والاشتغال بغيرها.

وجواب آخر وهو: أن الأمر في الآية متعلق بشرط، فجائز أن يكون السامع لم يعلم بوجوده، فلذلك أَخَّرَ الجواب.


١ "٤٣" سورة البقرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>