للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قيل يجوز أن يكون اعتقدوا وجوب أوامر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لقوله تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ} ١.

قيل: قد كان تقدمت على هذه الآية أوامر كثيرة، لم يسأل عن مقتضاها، فلو كان اعتقاد الوجوب لأجل هذه الآية لكان السؤال يقع عما تقدم عليها.

وأيضًا فإن القائل إذا قال لعبده: افعل كذا وكذا اليوم، فلم يفعل، حسن أن يلومه على ذلك ويعاقبه عليه، فلولا أنه كان قد لزمه واستحق عليه فعله، لما حَسُنَ عقوبته على تركه.

فإن قيل: من لم يسلم.

قيل: هذا رفع حكم المشاهدات، ورددناه في ذلك إلى العادات؛ لأن أحدًا لا يلوم سيدًا ضرب عبده [٢٣/ ب] على مخالفة أمره.

فإن قيل: هناك قرينة اقترنت بالأمر دلَّت على وجوبه.

قيل: تصور المسألة فيمن أمر عبده بأمر من وراء حجاب. وهو لا يشاهده، ولا هناك ما ينبئ عنه لفظ الأمر، فلا يجوز أن يُدَّعَى تعلُّقُ الوجوب بعده.

وأيضًا: فإن قول القائل: افعل، موضوع في اللغة للتَّفَعُّل واستدعاء الفعل، وليس يحصل ذلك إلا بحمله على الوجوب.

فأما من حمله على الوقف فإنه لا يفيد شيئًا. وإذا حمل على الندب جُوِّز تركه، وهذا ترك مقتضى ما وضع له.

فإن قيل: لا نسلم هذا.


١ "٦٣" سورة النور.

<<  <  ج: ص:  >  >>