للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بأن هذه الصيغة ترد مشتركة بين الوجوب، نحو قوله تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} ١، وبَيْنَ النَّدب، نحو قوله تعالى: {وَأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ} ٢، وبين التهديد: {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ} ٣، فلم يكن حملها على الوجوب بأولى من حملها على الندب، فوجب التوقف فيها، كقوله: لون، لما لم يدل على شيء، وقف حتى يدل على المراد.

والجواب عنه من ثلاثة أوجه:

أحدها: أن الصيغة التي يختلف فيها لا ترد قط عندنا إلا وهي على الوجوب، وإنما يعدل عنها إلى الندب والتهديد بدليل أو بقرينة.

الثاني: أن هذا يبطل بأسماء الحقائق، وهو الأسد والحمار، فإنه حقيقة في البهيمة، ويراد به الرجل بقرينة، ومع هذا لم يمنع إطلاق٤ الحقيقة في البهيمة.

وكذلك: العَشَرَة، حقيقة في العَشَرَةِ، وتستعمل في الخَمْسَة بقرينة الاستثناء، وهو قوله: عشرة إلا خمسة.

الثالث: يبطل بقوله: فرضت وأوجبت وألزمت، فإن هذا يَرِدُ، والمراد به الوجوب، ويَرِدُ والمراد به النَّدب كقوله: "غُسْل الجمعة واجب على كل محتلم" ٥، ومع هذا فإن إطلاقه يُحْمَلُ على الوجوب، وكذلك: فرضت، تحتمل الوجوب، وتحتمل التقدير، وإطلاقها يُحْمَلُ على الوجوب.

وكذلك ألفاظ الوعيد تحمل على الوجوب، وإن كانت تستعمل في


١ "٤٣" سورة البقرة.
٢ "٣٢" سورة النور.
٣ "٤٠" سورة فصلت.
٤ في الأصل: "إطلاقها".
٥ مضى تخريجه في الصفحة السابقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>