للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأمر، فبرأت ذمته كما لو أمر السيد عبده بفعله شيء ففعله، لم يبق عليه شيء من ناحية أمرهن، ويبين صحة هذا أنه يصح أن يخبر عن نفسه بأن يقول: قد فعلت كذا وكذا، فلو كان قد بقي عليه شيء من حكم المأمور به، لما صح أن يخبر بذلك.

ولأن جواز الفعل حكم تعلق بالمأمور به، كما أن استحقاق الثواب حكم تعلق به، فإذا كان فعل المأمور به على شرائط يدل على استحقاق الثواب، كذلك يجب أن يدل على جوازه.

ولأنه لا طريق إلى معرفة جوازه إلى وقوعه على الوجه المأمور به، ألا ترى أنه يستحيل أن تكون الدلالة على جوازه وقوعه على غير الوجه المأمور به، فدل ذلك على ما قلناه.

واحتج المخالف: بأن معنى قولنا: يجزئه، أنه لا تجب عليه الإعادة، وقد علمنا أنه غير ممتنع بأن يأمر الحكيم بفعل من الأفعال، ويقول: إذا فعلتموه فقد فعلتم الواجب واستحققتم الثواب، وعليكم الإعادة مع ذلك، ألا ترى أن الحَجَّة الفاسدة مأمور بالمضي فيها، ويستحق الثواب على فعلها، ومع ذلك فعليه الإعادة، وكذلك من ظن أنه على طهارة وهو في آخر الوقت، فأن الصلاة واجبة عليه، وهو مأمور بها١، ومع ذلك فعليه الإعادة إذا علم أنه كان على غير طهر.

والجواب: أنه٢ هناك لم يأت بالعبادة على الوجه المأمور به، بل أَخَلَّ بشرط، فلهذا لم يقع موقع المأمور به، وكلامنا فيما يأتي به على الوجه المأمور به من غير إخلال ببعض شرائطه٣.


١ في الأصل: "به".
٢ في الأصل "أن".
٣ كلام المؤلف هنا تحرير لمحل النزاع، وحبذا لو وضعه في أول المسألة.

<<  <  ج: ص:  >  >>