للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دليلنا على أن الواجب واحد منها أشياء:

منها: أن من قال لآخر: الْقِ زيدًا أو عمرًا، لم يفهم أحد وجوب لقائهما، ولو قال: تصدق من مالي بدرهم أو دينار، لم يعلم وجوب فعلهما، ولهذا المعنى استحق المأمور أن يذم بإخراج الأمرين من ماله، ولو كانا واجبين لم يستحق الفاعل ذمًّا بفعل الواجب؛ ولأن الأمر بالشيء بمنزلة الإخبار عنه. ثم ثبت أن القائل إذا قال: ضرب زيد عمرًا أو خالدًا، كان إخبارًا عن ضرب واحد، وكذلك الأمر إذا كان على هذا الوجه.

وأيضًا لو فعل الجميع لم يكن الواجب إلا واحدًا من الجملة، فلو كان الجميع واجبًا قبل الإيقاع، لكان متى تعين بالفعل وقع على الصفة التي كان عليها قبل الإيقاع، ألا ترى الذي تعين فعله لا يجوز أن تخالف صفته حال الإيقاع لما تعلق به الأمر، مثل سائر الواجبات التي ثبتت من غير تخيير، ولما ثبت أن الواحد منها يقع واجبًا دلَّ على أن الواجب واحد منها.

فإن قيل: إنما لم يقع جميعها واجبًا؛ لأنها كانت واجبة على التخيير.

قيل: المفعول يقع عن١ الواجب كما يقع لو لم يكن مخيرًا فيه، ألا ترى أن من خير في تعيين الحرية في أحد عبديه وأداء الصلاة في أول الوقت، فإنه واجب مخير فيه، ولو فعله لوقع ذلك عن الواجب، كما يقع لو لم يكن مخيرًا فيه.

فإن قيل: الثلاث كفارات قبل الإيقاع، [٣٦/ ب] ومتى أوقعها كانت الكفارة واحدة كذلك حكم الوجوب.


١ في الأصل: "من".

<<  <  ج: ص:  >  >>