للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعلى ترك إيتاء الزكاة؛ فدل [على] أنهم مخاطبون بالإيمان وإيتاء الزكاة؛ لأنه لا يتواعد على ترك ما لا يجب على الإنسان، ولا يخاطب به.

فإن قيل: ليس المراد بالآية أننا لم نؤد الزكاة؛ لأنها ما كان١ يتأتى منهم فعلها؛ وإنما المراد أننا لم نكن معترفين بالزكاة ولا مقرين، وقد يعبر بالفعل عن الإقرار بالشيء وإلزام حكمه، كقوله تعالى: {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} ٢، يعني: حتى يضمنوا.

قيل: حقيقة الكلام تقتضي أن الوعيد على ترك إيتاء الزكاة؛ فوجب حمله على الحقيقة.

فإن قيل: ظاهر الكلام يقتضي أنه جعله صفة للمشركين؛ فكأنه قال: فويل للمشركين الذين هم على صفة لا يؤتون الزكاة.

قيل: هما صفتان، وتقديره: فويل للقوم المشركين، وقوله: {الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ} صفة ثانية لهم، ويكون ذلك مثل قوله: فويل للسارقين الذين لا يؤدون المسروق؛ فيكون الوعيد على الصفتين جميعًا.

فإن قيل: لو كان كذلك؛ لوجب أن يكون الوعيد على اجتماع الصفتين، وقد أجمعنا على أن المشرك الذي لم يكن له مال متواعد على شركه.

قيل: الوعيد على كل واحد من الصفة بانفرادها دون اجتماعها، كما قال تعالى: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ} ٣، وهذا توعد على كل


١ في الأصل: "كانت".
٢ "٢٩" سورة التوبة.
٣ "١١٥" سورة النساء.

<<  <  ج: ص:  >  >>