الخصوص أن يعترضوا على الجميع في القول بالعموم بهذه المواضع.
فإن قيل: العموم لا يجوز وجوده عاريًا عن إيجاب حكم، وههنا يوجد عاريًا عن إيجاب حكم.
قيل: بالقياس يوجد عاريًا عن إيجاب حكم، وهو إن عارضه نص، ومع هذا لم يدل ذلك على أنه ليس بحجة.
واحتج: بأن ما يقتضيه الخطاب بصريحه أو دليله طريقه اللغة دون غيرها، وثبوته من طريق اللغة لا يخلو من أن يكون بالعقل أو بالنقل، ولا يجوز أن يكون بالعقل؛ لأنه لا مدخل للعقل في إثبات اللغة، ولا يجوز أن يكون بالنقل لأنه لا يخلو: إما أن يكون متواترًا أو آحادًا، ولا يجوز أن يكون تواترًا؛ لأنه لو نقل ذلك من طريق التواتر لعلمنا؛ لأنه لا يجوز أن يختص المخالف بعلم النقل المتواتر، ولا يجوز أن يكون آحادًا؛ لأن هذه المسألة من مسائل الأصول, ولا يجوز إثباتها بخبر الواحد الذي لا يوجب العلم.
والجواب: أنا أثبتناه بالنقل الذي قامت الحجة به، كما يستدل المخالف على إثبات العمل بخبر الواحد وبالإجماع بنقل ليس بمتواتر؛ لقيام الحجة عنده بصحته.
وأثبتناه أيضًا بالعقل، وقول المخالف: إن العقل لا مدخل له في إثباته: ليس بصحيح؛ لأن له مدخل في الاستدلال بمخارج كلامهم على مقاصدهم وموضوعاتهم، وقد استدللنا بذلك على ما تقدم بيانه.
واحتج: بأنه لو كان يدل على المخالفة؛ لم يجز أن يصرح بالتسوية بينهما؛ فلما جاز أن يقول: في سائمة الغنم وفي معلوفتها زكاة؛ دل على أن تخصيص السائمة بالذكر؛ لا يدل على المخالفة؛ لأنه لو دل على المخالفة؛ لكان ذلك متناقضًا.