للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

واحتج بأن لفظ الجمع يستعمل مرة في البعض ومرة في الكل، واستعماله في البعض أكثر؛ لأنه يقال: "غلق الناس"، و"فتح الناس"، و"جمع التجار إلى دار السلطان"، ويراد به البعض دون الكل، ويقول الواحد: "غسلت ثيابي، وصرمت نخلي"، ويريد به البعض؛ فإذا كان كذلك؛ كان حقيقة في البعض والكل، وكان بمنزلة اللفظ المشترك، مثل: "العين"، و"اللون"، فإنه يحتمل: العين: "عين الذهب"، و"عين الماء"، و"عين الميزان"، و"عين الركبة"، و"عين القوم"، وهو خيارهم، والعين على القوم، وهو: "الجاسوس"، وكذلك "اللون" يحتمل "البياض"، و"الحمرة"، و"السواد"، و"الصفرة"، ولا يجوز حمل اللفظ على بعضها إلا بدليل، كذلك ههنا.

والجواب: أن هذا يبطل بأسماء الأعيان واستعمالها١ في الحقيقة والمجاز، مثل تسميتهم الماء الكثير بحرًا، والرجل العالم والجواد بحرًا، وكذلك تسمتيهم "البهيمة حمارًا"، و"الرجل البليد" حمارًا، و"البهيمة أسدًا وليثًا"، و"الحية شجاعًا"، [٦٨/ب] و"الرجل الذي به بأس وشدة شجاع".

ويبطل أيضًا باستعمال لفظ الجمع في الواحد، مثل قول الله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} ٢، وقول الله عز وجل: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ} ٣، فأراد بالأول: "نعيم بن مسعود"٤، ومع هذا فلم يدل ذلك على الاشتراك.


١ في الأصل: "واستعمال".
٢ "٩" سورة الحجر.
٣ "١٧٣" سورة آل عمران.
٤ هو: نعيم بن مسعود بن عامر الأشجعي. صحابي جليل، رضي الله عنه، هاجر =

<<  <  ج: ص:  >  >>