للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والجواب: أنا قد بينا أن الأصل عدم القرينة، وأن الظاهر تجرده، ولأن هذا يلزم عليه الأعداد وغيرها من أسماء الحقائق، ويلزم عليه الزمان؛ فإن هذا الاحتمال موجود فيه من الوجه الذي ذكرنا، ومع هذا يجب العمل بعمومه؛ فبطل هذا.

واحتج: بأن من سمع قول الله: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} ١، لا يخلو إما أن يقول: يلزمه أن يعتقد عمومه، فأمره باعتقاد خلق القرآن وهذا اعتقاد باطل، وإن قال: انظر في الدلالة، فقد ترك قوله.

والجواب: أن هذا الظاهر مع قرينة ظاهرة من جهة العقل؛ يمتنع اعتقاد عمومه في خلق القرآن وصفات الله تعالى؛ فلهذا لم يجز حمله على عمومه، وخلافنا في عموم خلا عن دلالة ظاهرة عقلًا أو شرعًا.

وأما أصحاب أبي حنيفة٢؛ فإنهم اعتمدوا في الفرق بين أن يسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو غيره؛ فإنه يجوز أن يكون في أدلة الشرع ما يمنع العموم، فلهذا يوقف حتى ينظر، وإذا سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم على وجه بيان الحكم، [و] لو كان في الشرع ما يمنع حمل اللفظ على العموم لبينه حال خطابه٣.

والجواب: أنه يجوز تأخير البيان عندنا.


١ "٦٢" سورة الزمر، والآية في الأصل: {واللَّهُ خَالِقُ..} ، بإثبات الواو، وهو خطأ، والصواب حذفها متابعة لما في المصحف الشريف.
٢ هنا تسامح في التعبير؛ وإلا فهذا الرأي لبعض أصحاب أبي حنيفة، وقد سبق للمؤلف قريبًا أن حكى هذا الرأي عن الجرجاني.
٣ الذي استقر الأمر عليه من مذهب الحنفية في هذه المسألة هو: القول بوجوب العمل بالعموم قبل البحث عن المخصص. صرح بهذا صاحب "فواتح الرحموت": "١/٢٦٧".

<<  <  ج: ص:  >  >>